ج م لا

 

مدونة في وداع الله يا امي/يا الله /جاري جاري / مدونات لا شرك لا شرك /قانون الحق الالهي/نوتة الصلاة //في وداع الله يااماي/تعلم التفوق بالثانوية /السيرة النبوية /الفهرست/اللهم ارحم ابي وامي /المضبطة /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا/حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين/قانون الحق الالهي اا./قانون الحق الالهي/قانون العدل الالهي/قانون ثبات سنة الله في الخلق/كتاب الفتن علامات الساعة ويوم القيامة /مدونات لا شين/مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها /وصف الحور العين /مامي 27/المدونة التعليمية المساعدة/مدونة الاميرة اسماء صلاح التعليمية/أمي الحنون الغالية/الكشكول الأبيض2ثانوي/الأم)منهج الصف الثاني الثانوي علمي رياضة وعلوم /ثانوي {الحاسب الآلي - والمواطنة} /ثاني ثانوي لغة عربية /أمي الحنون الغالية /احياء ثاني ثانوي ترم أول /الأمراض الخطرة والوقاية منها /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /التاريخ 2ث /التجويد //الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث //الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي //الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي //الخلاصة الحثيثة في الفيزياء //الديوان الشامل لاحكام الطلاق //السيرة النبوية //الطلاق المختلف عليه//الفيزياء الثالث الثانوي روابط //اللغة الفرنسية 2ثانوي //الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول//المنهج في الطلاق //النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 //النخبة في شرعة الطلاق //الهندسة بأفرعها //بيت المعرفة العامة //ترم ثاني ثاني ثانوي علمي ورياضة وادبي.. //تفوق وانطلق للعلا //ثالثة ثانوي مدونة//ثاني ثانوي ترم اول وثاني الماني //روابط المواقع التعليمية //روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام//رياضيات بحتة وتطبيقية تاني ثانوي ترم ثاني //عبد الواحد ترم أول2ثانوي //عبدالواحد ثاني ثانوي ترم1و2.//علم المناعة //فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول//فيزياء ثاني ثانوي ترم أول //فيزياء ثاني ثانوي ترم ثاني //كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري //كتاب الزكاة //كتب ثاني ثانوي ترم1و2 //كشكول //كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني //كيمياء ثاني ثانوي ترم أول //لغة انجليزية2ث.ترم أول //مدونة الأميرة الصغيرة//أسماء صلاح التعليمية 3ث //مدونة الإختصارات //مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة/الطلاق7/5هـ//مدونة اللغة الإيطالية //مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية //مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني//مكتبة روابط ثاني ثانوي ترم اول //منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام //ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول //نهاية البداية

 

ممـــــ

برامج كتابة سيجما/الخلود ورؤية الناس /من مات لا يشرك بالله شيئا// كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول../كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...///فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم.../الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان/عرض منسق لحديث /صاحب البطاقة يوم القيامة/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) /المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب.../النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا/ من مات لا يشرك بالله شيئا /كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ.../حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا../*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية .../✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن.../مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده.../شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام /تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا.../تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط/كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني./ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ.../الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل/كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق/حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق /الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع.../شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي /جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ما هي الشفاعة ولمن تستحقفي مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء الفهرست مدونة قانون الحق الالهيسمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإيإن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل/ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالةتابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحقالشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد/برامج كتابة سيجما/الخلود ورؤية الناس /من مات لا يشرك بالله شيئا// كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول../كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...///فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم.../الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان/عرض منسق لحديث /صاحب البطاقة يوم القيامة/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) /المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب.../النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا/ من مات لا يشرك بالله شيئا /كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ.../حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا../*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية .../✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن.../مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده.../شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام /تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا.../تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط/كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني./ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ.../الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل/كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق/حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق /الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع.../شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي /جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ما هي الشفاعة ولمن تستحقفي مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء الفهرست مدونة قانون الحق الالهيسمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإيإن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل/ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالةتابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحقالشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد// الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدإِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ... أقوال النووي في المتأولات*النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم.نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادولتوبة هي كل الاسلامفاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها*التوبة هي كل الإسلامهل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قاللماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فهرست مدونة قانون الحق الالهيمن قانون الحق الالهي عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه.الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا../ .........................

.........................

دليل المدونات العلمية

مدونة في وداع الله يا امي /يا الله /جاري جاري /مدونات لا شرك لا شرك / قانون الحق الالهي /نوتة الصلاة /في وداع الله يااماي /تعلم التفوق بالثانوية /السيرة النبوية /الفهرست /اللهم ارحم ابي وامي /المضبطة /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /قانون الحق الالهي اا. /قانون الحق الالهي /قانون العدل الالهي /قانون ثبات سنة الله في الخلق /كتاب الفتن علامات الساعة ويوم القيامة /مدونات لا شين /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها /وصف الحور العين /مامي 27 . المدونة التعليمية المساعدة /مدونة الاميرة اسماء صلاح التعليمية /أمي الحنون الغالية /الكشكول الأبيض2ثانوي /(الأم)منهج الصف الثاني الثانوي علمي رياضة وعلوم / 2ثانوي {الحاسب الآلي - والمواطنة / 2ثاني ثانوي لغة عربية /أمي الحنون الغالية /احياء ثاني ثانوي ترم أول /الأمراض الخطرة والوقاية منها /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /التاريخ 2ث /التجويد /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /الديوان الشامل لاحكام الطلاق /السيرة النبوية /الطلاق المختلف عليه /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /اللغة الفرنسية 2ثانوي /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /المنهج في الطلاق /النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /النخبة في شرعة الطلاق /الهندسة بأفرعها /بيت المعرفة العامة /ترم ثاني ثاني ثانوي علمي ورياضة وادبي.. /تفوق وانطلق للعلا /ثالثة ثانوي مدونة /ثاني ثانوي ترم اول وثاني الماني /روابط المواقع التعليمية /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /رياضيات بحتة وتطبيقية تاني ثانوي ترم ثاني /عبد الواحد ترم أول2ثانوي /عبدالواحد ثاني ثانوي ترم1و2. /علم المناعة /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول /فيزياء ثاني ثانوي ترم أول /فيزياء ثاني ثانوي ترم ثاني /كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري /كتاب الزكاة /كتب ثاني ثانوي ترم1و2 /كشكول /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني /كيمياء ثاني ثانوي ترم أول /لغة انجليزية2ث.ترم أول /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة الإختصارات /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /مدونة اللغة الإيطالية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /مكتبة روابط ثاني ثانوي ترم اول /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /نهاية البداية

الخميس، 22 أكتوبر 2020

النهاية 10.




فصل ذكر بعض صفات أهل الجنة وبعض ما أعد من نعيم لهم


قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون فيها، ولا يتغوطون فيها، وأمشاطهم الذهب والفضة، ومجامرهم من الألوة، وريحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم، ولا تباغض، قلوبهم على قلب واحد، يسبحون الله بكرة وعشية".

وهكذا رواه مسلم: عن محمد بن رافع، عن عبد الرزاق، وأخرجه البخاري، عن محمد بن مقاتل، عن ابن المبارك كلاهما عن معمر به.

وقال أبو يعلى: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على صورة أشد كوكب دري في السماء إضاءة، لا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يتفلون، ولا يمتخطون، أمشاطهم الذهب، وريحهم المسك، ومجامرهم الألوة، وأزواجهم الحور العين، وأخلاقهم على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم، ستون ذراعا" رواه مسلم: عن أبي خيثمة، واتفقا عليه من حديث جرير.
ذكر بعض ما ورد في سن أهل الجنة

وروى الإمام أحمد، والطبراني: واللفظ له، من حديث حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل أهل الجنة جردا، مردا، بيضا، جعادا، مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين، على خلق آدم، ستون ذراعا، في عرض سبع أذرع".

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن إسماعيل العدوي، حدثنا عمر بن مرزوق، أخبرنا عمران القطان، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، أن رسول الله ﷺ قال: "يدخل أهل الجنة جردا، مردا، مكحلين، بني ثلاث وثلاثين".

ورواه الترمذي: من حديث عمران بن داود القطان، ثم قال: هذا حديث حسن غريب.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا القاسم بن هشام، حدثنا صفوان بن صالح، حدثني جرد بن جراح العسقلاني، حدثنا الأوزاعي، عن هارون بن رياب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم، ستين ذراعا بذراع الملك، على حسن يوسف، وعلى ميلاد عيسى، ثلاث وثلاثين سنة، وعلى لسان محمد جردا، مردا، مكحلين".

وقد رواه أبو بكر بن أبي داود، حدثنا محمود بن خالد، وعباس بن الوليد، قالا: حدثنا عمر، عن الأوزاعي، عن هارون بن رياب، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "يبعث أهل الجنة على صورة آدم، ميلاد ثلاث وثلاثين سنة، جردا، مردا، مكحلين، ثم يذهب بهم إلى شجرة في الجنة، فيكتسون منها، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم".

وقال أبو بكر بن أبي داود: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، أن دراجا أبا السمح حدثه، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله ﷺ قال: "من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير، يردون بني ثلاث وثلاثين في الجنة، لا يزيدون عليها أبدا، كذلك أهل النار".

ورواه الترمذي: عن سويد بن نضر، عن ابن المبارك، عن رشدين بن سعد عن عمرو بن الحارث.
كتاب صفة النار وما فيها من العذاب الأليم

أجارنا الله تعالى منها برحمته، إنه جواد كريم

قال الله تعالى: "فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين".

وقال تعالى: "أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين".

وقال تعالى: "أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على النار".

وقال تعالى: "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين".

وقال تعالى: "إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما".

وقال تعالى: "إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا".

وقال تعالى: "إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم".

وقال تعالى: "إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين".

وقال تعالى: "وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون".

وقال تعالى: "ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون".

وقال تعالى: "لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد".

وقال تعالى: "ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا و بكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا".

وقال تعالى: "هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوفوا عذاب الحريق".

وقال تعالى: "فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون وومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتين تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا". وقال تعالى: "بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيطا وزفيرا وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا".

وقال تعالى: "فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها يختصمون تالله إن تالله إن كنا لفي مبين إذ نسويكم برب العالمين وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم".

وقال تعالى: "أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون".

وقال تعالى: "نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ".

وقال تعالى: "وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون".

وقال تعالى: "إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا

يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا".

وقال تعالى: "والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير".

وقال تعالى: "هذه جهنم التي كنتم توعدون اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون".

وقال تعالى: "احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون".

وقال تعالى: "هذا وإن للطاغين لشر مآب جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه حميم وغساق، وآخر من شكله أزواج هذا فوج مقتحم معكم لا مرحبا بهم إنهم صالوا النار قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذابا ضعفا في النار وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار إن ذلك لحق تخاصم أهل النار".

وقال تعالى: "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين".

وقال تعالى: "إن الذين كفزوا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير".

قال تعالى: "فوقاهم الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب وإذ يتجاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار".

وقال تعالى: "الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون، إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ثم قيل لهم أين ماكنتم تشركون من دون الله قالوا ضلوا عنا بل لم نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل الله الكافرين ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفرحون ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين".

وقال تعالى: "وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم وحق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون فلنذيقن الذين كفروا عذابا شديدا ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون ذلك جزاء أعداء الله النار لهم فيها دار الخلد جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون وقال الذين كفروا ر بنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين".

وقال تعالى: "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون".

وقال تعالى: "إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم إن هذا ما كنتم به تمترون".

وقال تعالى: "مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهاز من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم".

وقال تعالى: "يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد".

وقال تعالى: "يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصر ون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ماكنتم تعملون".

وقال تعالى: "بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر".

وقال تعالى: "يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام فبأي آلاء ربكما تكذبان هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن فبأي آلاء ربكما تكذبان".

وقال تعالى: "وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال في سموم وحميم وظل من يحموم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين وكانوا يصرون على الحنث العظيم وكنا ترابا وعظاما أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما نخرة أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون".

وقال تعالى: "فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير".

وقال تعالى: "يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون".

وقال تعالى: "وللذين كفروا بربهم عذاب جهنم وبئس المصير إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير".

وقال تعالى: "كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون".

وقال تعالى: "وأما من أؤتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه هلك عني سلطانيه خذوة فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين فليس لة اليوم ها هنا حميم ولا طعام إلا من غسلين لا يأكله إلا الخاطئون".

وقال تعالى: "يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه كلا إنها لظى نزاعة للشوى تدعوا من أدبر وتولى وجمع فأوعى".

وقال تعالى: "سأصليه سقر وما أدراك ما سقر لا تبقي ولا تذر لواحة للبشر عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب و يزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر".

وقال تعالى: "كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين فما تنفعهم شفاعة الشافعين فما لهم عن التذكرة معرضين".

وقال تعالى: "إنا أعتدنا للكافرين سلاسل وأغلالا وسعيرا".

وقال تعالى: "انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ويل يومئذ للمكذبين".

وقال تعالى: "إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا لابثين فيها أحقابا لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا جزاء وفاقأ أنهم كانوا لا يرجون حسابا وكذبوا بآياتنا كذابا وكل شيء أحصيناة كتابا فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا إن للمتقين مفازا حدائق وأعنابا وكواعب أترابا". وقال تعالى: كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين".

وقال تعالى: "فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى".

وقال تعالى: "إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا".

كما قال تعالى: "وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية تسقى من عين آنية ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع".

وقال تعالى: "كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد".

وقال سبحانه وتعالى: "والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة عليهم نار موصدة".

وقال تعالى: "ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة".

قال ابن المبارك: عن خالد بن أبي عمران بسنده، أن رسول الله ﷺ قال: "إن النار تأكل أهلها، حتى إذا اطلعت على أفئدتهم انتهت، ثم يعود كما كان، ثم يستقبله أيضا، فيطلع على فؤادهم، فهم كذلك أبدا".

فذلك قوله: "نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة".

وقد تركنا إيراد آيات كثيرة خوف الإطالة، وفيما أوردناه إشارة إلى ما تركنا إيراده و بالله المستعان وستأتي الأحاديث الواردة في صفة جهنم- أجارنا الله تعالى منها، بحوله وقوته آمين- مرتبة على ترتيب حسن وبالله التوفيق.

وقال ابن المبارك: أخبرنا معمر: عن محمد بن المنكدر، قال: لما خلقت النار، فزعت الملائكة، وطارت أفئدتها، فلما خلق آدم سكن ذلك عنهم، وذهب ما كانوا يحذرون.
فتى من الأنصار يميته خوف النار

وقال ابن المبارك: أخبرنا محمد بن مطرف، عن الثقة، أن فتى من الأنصار داخلته من النار خشية، فكان يبكي عند ذكر النار، حتى حبسه ذلك في البيت، فذكر ذلك للنبي ﷺ، فجاءه في البيت، فلما دخل نبي الله ﷺ اعتنقه الفتى، وخر ميتا، فقال رسول الله ﷺ: "جهزوا صاحبكم، فإن الفرق من النار فلذ كبده".

وقال القرطبي: وروي أن عيسى عليه السلام مر بأربعة آلاف امرأة متغيرات الألوان، وعليهن مدارع الشعر والصوف، فقال عيسى: ما الذي غير ألوانكن معاشر النسوة؟ قلن: ذكر النار غير ألواننا يا ابن مريم: إن من دخل النار لا يذوق فيها بردا ولا شرابا. ذكره الخرائطي في كتاب التنور.
سلمان الفارسي وخشيته من عذاب النار

وروي أن سلمان الفارسي لما سمع قوله تعالى: "وإن جهنم لموعدهم أجمعين". فر ثلاثة أيام هاربا من الخوف، لا يعقل، فجيء به إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله أنزلت هذه الآية: "وإن جهنم لموعدهم أجمعين".

فو الذي بعثك بالحق لقد قطعت قلبي، فأنزل الله تعالى: "إن المتقين في ظلال وعيون". ذكره الثعالبي.
ذكر جهنم وشدة سوادها أجارنا الله منها

قال تعالى: "وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون".

قال الله تعالى: "وأما من خفت موازينه فأمه هاوية وما أدراك ماهيه نار حامية".

وقال تعالى: "تسقى من عين آنية ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع".

وقال تعالى: "يطوفون بينها وبين حميم". أي حار، قد تناهى حره، وبلغ الغاية في ذلك.
جهنم والعياذ بالله تعالى أشد سبعين مرة من نار الدنيا

وقال مالك في الموطأ: عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال. "نار بني آدم التي توقدون، جزء من سبعين جزء من نار جهنم، فقالوا: يا رسول الله. إن كانت لكافية، فقال. إنها فضلت عليها بتسعة وتسعين جزء".

ورواه البخاري: عن إسماعيل بن أبي إدريس، عن مالك، وأخرجه مسلم: عن قتيبة، عن المغيرة بن عبد الرحمن الخزامي، عن أبي الزناد، به نحوه.

وقال أحمد: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ: "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم، وقد ضربت بالبحر مرتين، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد". على شرط الصحيحين.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد، عن محمد بن زياد، سمعت أبا هريرة يقول: سمعت أبا القاسم ﷺ يقول: "نار ابن آدم التي توقدون، جزء من سبعين جزء من نار جهنم".

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله- ﷺ: "ناركم هذه التي يوقدها بنو آدم جزء واحد من سبعين جزء من حر جهنم، قالوا: والله إن كانت لكافية. قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزء، كلهن مثل حرها".

قال أبو بكر البزار: حدثنا بشر بن خالد العسكري، حدثنا سعيد بن مسلمة، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إن ناركم هذه، وكل نار أوقدت، أو هم يوقدونها، جزء من سبعين جزء من نارجهنم".

طريق أخرى بلفظ آخر

قال أحمد: حدثنا قتيبة، حدثنا عبد العزيز، عن سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم".

وهذا الإسناد على شرط مسلم، وفي لفظه غرابة، وأكثر الروايات عن أبي هريرة جزء من سبعين جزء. وقد ورد الحديث عن غيره كذلك، من طريق عبد الله بن مسعود.

كما قال البزار: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، حدثنا عبيد الله بن إسحاق العطار، حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، عن معمر بن ميمون، عن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: "الرؤيا الصالحة بشرى، وهي جزء من سبعين جزء من النبوة، وإن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من سموم جهنم، وما دام العبد ينتظر الصلاة فهو في صلاة، ما لم يحدث". قال البزار: وقد روي موقوفا من طريق أبي سعيد.

كما قال البزار أيضا: حدثنا محمد بن الليث، حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا شيبان، عن فراس، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن ناركم هذه جزء من سبعين جزء من نار جهنم، لكل جزء منها حرها".

وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن عمرو الخلال، حدثنا إبراهيم بن المنذر الخزاعي، حدثنا معن بن عيسى القزاز، عن مالك بن أنس، عن عمه أبي سهل، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم. هي أشد دخانا من دخان ناركم هذه بسبعين ضعفا". قال الحافظ الضياء: وقد رواه ابن مصعب، عن مالك، فوقفه، وهو عندي على شرط الصحيح.
أوقد على نار جهنم ثلاثة آلاف عام حتى أصبحت سوداء مظلمة

وروى الترمذي، وابن ماجه: كلاهما عن ابن عباس الدوري، عن يحيى بن أبي بكير، عن شريك عن عاصم، عن أبي عاصم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ "أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى أبيضت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة".

قال الترمذي: ولا أعلم أحدا رفعه غير يحيى بن بكير، عن شريك، كذا قال الترمذي رحمه الله.

وقد روى أبو بكر بن مردويه الحافظ عن إبراهيم بن محمد، عن محمد بن الحسن بن مكرم، عن عبيد الله بن سعد، عن عمه، عن شريك مثله.
نار جهنم لا ينطفىء حرها ولا يصطلى بلهيبها

وقال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو عبيد الله الحافظ أبو سعيد، عن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس الأصم، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن سلمان، قال: قال رسول الله ﷺ: "النار لا يطفأ حرها، ولا يصطلى بلهيبها، قال: ثم قرأ: "ونقول ذوقوا عذاب الحريق".

قال البيهقي: ورفعه ضعيف، ثم رواه من وجه آخر موقوفا.

وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم، حدثنا محمد بن يونس بن عنان الدلال، حدثنا مبارك بن فضالة، عن ثابت، عن أنس، قال: تلا رسول الله ﷺ قول الله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاط شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون".

وقال: "أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، وألف عام حتى احمرت، وألف عام حتى اسودت، فهي سوداء لا يضيء لهبها".

وقال ابن مردويه: حدثنا دعلج بن أحمد، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن مسلمة، حدثنا الحكم بن مروان، حدثنا سلام الطويل، عن الأجلح بن عبد الله الكندي، عن عدي بن عدي، قال: قال عمر بن الخطاب: "أتى جبريل النبي ﷺ في حين لم يكن يأتي فيه، فقال: يا جبريل: ما لي أراك متغير اللون؟ فقال: إني لم آتك حتى أمر الله بفتح النار، فقال النبي ﷺ: "يا جبريل: صف لي النار، وانعت لي جهنم، فقال: إن الله أمر بها، فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، ثم أوقد عليها ألف عام حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة، لا يضيء شررها، ولا يطفأ لهبها. وقال: والذي بعثك بالحق، لو أن حلقة من حلق السلسلة التي نعت الله تعالى في كتابه، وضعت على جبال الدنيا لأذابتها، فقال النبي ﷺ: "حسبي يا جبريل، لا يتصدع قلبي، فنظر النبي ﷺ فوجد جبريل عليه السلام يبكي، فقال: يا جبريل: تبكي وأنت من الله بالمكان الذي أنت به من الله؟ فقال: وما يمنعني أن أبكي، وأنا لا أدري أن أكون في علم الله على غير هذه الحال، فقد كان إبليس مع الملائكة، وقد كان هاروت وماروت من الملائكة، فلم يزل النبي ﷺ يبكي هو وجبريل، حتى نودي: يا محمد: ويا جبريل، إن الله قد أمنكما أن تغضبا. قال: فارتفع جبريل، وخرج النبي ﷺ، فمر بقوم من أصحابه يتحدثون ويضحكون، فقال: تضحكون وجهنم من ورائكم؟ لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله تعالى، فأوحى الله تعالى يا محمد: إني بعثتك مبشرا قال: فقال رسول الله ﷺ: "أبشروا وسددوا وقاربوا". وقال الضياء، قال الحافظ أبو القاسم: يعني إسماعيل بن محمد بن الفضل. هذا حديث حسن، وإسناده جيد.
أبو طالب أدنى أهل النار عذابا يوم القيامة

وقال البخاري: حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثنا ابن أبي حازم والدراوردي، عن يزيد، عن عبد الله بن حباب عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله ﷺ ذكر عنده عمه أبو طالب فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح يبلغ كعبه، تغلي منه أم دماغه" .

وقد رواه مسلم من حديث يزيد بن أبي حبيب به: عن مهيل بن أبي صالح، عن النعمان بن المنذر ابن أبي عباس، عن أبي سعيد، أن رسول الله ﷺ قال: "أدنى أهل النار عذابا ينتعل بنعل من نار، يغلي دماغه من حرارة نعليه".

وقال أحمد: حدثنا حسن وعفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي سعيد الحريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ: "أهون أهل النار عذابا رجل في رجليه نعلان، يغلي منهما دماغه". وساق أحمد تمام الحديث.

وقال البخاري: حدثنا محمد بن يسار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، سمعت أبا إسحاق، سمعت النعمان، سمعت النبي ﷺ يقول: "إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل توضع في أخمص قدميه جمرة يغلي منها دماغه". ورواه مسلم من حديث شعبة.

وقال البخاري: وحدثنا عبد الله بن رجاء، حدثنا عن أبي إسحاق، عن النعمان بن بشير، سمعت النبي ﷺ يقول: "إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة رجل على أخمص قدميه جمرتان، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ويغلي القمقم".

وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا ثابت، عن أبي عثمان النهدي، عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺ قال: "أهون أهل النار عذابا أبو طالب، ينتعل بنعلين يغلي منهما دماغه".

وقال أحمد: حدثنا يحيى عن ابن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ: "أهون أهل النار عذابا عليه نعلان، يغلي منهما دماغه". وفي هذا الإسناد، أن رسول الله ﷺ قال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا".

وقال أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا زائدة، عن المختار بن فلفل، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "والذي نفس محمد بيده، لو رأيتم ما رأيت لبكيتم كثيرا، ولضحكتم قليلا، قالوا: يا رسول الله وما رأيت؟ قال: رأيت الجنة والنار".

ورواه أحمد: من حديث شعبة، عن موسى بن أنس، عن أبيه، عن رسول الله ﷺ قال: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا".

وقال أحمد: حدثنا أبو اليمان، حدثنا ابن عباس، عن عمارة بن عربة الأنصاري، أنه سمع حميد ابن عبيد مولى بني المعلى يقول: سمعت ثابتا البناني يحدث، عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ أنه قال لجبريل: "ما لي لم أر ميكائيل ضاحكا قط؟ فقال: ما ضحك منذ خلقت النار".
شكوى النار إلى ربها من كل بعضها بعضا

وقال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة، أن النبي ﷺ قال: "اشتكت النار إلى ربها، فقالت: رب: أكل بعضي بعضا فنفسي: فأذن لها في كل عام بنفسين، فأشد ما تجدون من البرد، من زمهرير جهنم، وأشد ما تجدون من الحر، من حرجهنم". وأخرجه البخاري ومسلم من حديث الزهري.
أشد ما يكون الحر من قيح جهنم

وقال أحمد: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "اشتكت النار إلى ربها، فقالت: أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنفسين، نفس في الشتاء، ونفس في الصيف، فأشد ما يكون الحر من فيح جهنم".

وفي هذا الإسناد إلى رسول الله ﷺ، أنه عليه السلام قال: "إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم".

وقال الله تعالى: "انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ويل يومئذ للمكذبين".

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني، حدثنا سعيد بن سليمان، عن خديج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس، سمعت ابن مسعود يقول: في قول الله تعالى: "إنها ترمي بشرر كالقصر" أما إنه ليس مثل الشجر والجبل، ولكن مثل المدائن والحصون.

قال الطبراني: حدثنا طالب بن عمرة، حدثنا محمد بن عيسى الطباع، حدثنا حسن بن إسماعيل، عن تمام بن نجيح، عن الحسن، عن أنس، قال: قال النبي ﷺ: "لو أن شررة بالمشرق، لوجد حرها بالمغرب".
أنعم أهل الدنيا من أهل النار إذا غمس فيها نسي ما ذاق من نعيم وأشد أهل الدنيا بؤسا من أهل الجنة إذا دخلها نسي ما ذاق من بؤس

وقال أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال له: يا ابن آدم: هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول لا والله يارب؟ ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ في الجنة صبغة، فيقال له: يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مرت بك شدة قط؟ فيقول: لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط".
لو أن للكافر ملء الأرض ذهبا وافتدى به نفسه من العذاب يوم القيامة ما تقبل منه

قال أحمد : حدثنا روح، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك، أن نبي الله ﷺ قال: "يجاء بكافر يوم القيامة، فيقال له: أرأيت لو كان لك مثل الأرض ذهبا، أكنت مفتديا به؟ فيقول: نعم. قال: فيقال لقد سلبت أكثر من ذلك: فذلك قوله تعالى: "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به". والله تعالى أعلم.

طريق أخرى: قال أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا شعبة عن أبي عمران الجوني، عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ قال: "يقال لرجل من أهل النار يوم القيامة: لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت تفتدي به؟ قال: فيقول: نعم. قال: فيقول له الله- عز وجل- قد أردت منك أهون من ذلك. قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا، فأبيت لا أن تشرك بي".

طريق أخرى

تمنى المؤمن يوم القيامة أن يرد إلى الدنيا، ليقاتل في سبيل الله، فيقتل، لما يرى من فضل الشهادة والشهداء قال أحمد: حدثنا روح وعفان، قالا: حدثنا حماد: عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "يؤتى بالرجل من أهل الجنة، فيقال: يا ابن آدم: كيف وجدت منزلتك؟ سل وتمن، فيقول: ما أسأل وأتمنى إلا أن تردني إلى الدنيا، وأقتل في سبيل الله عشر مرات، لما يرى من فضل الشهادة، ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقال له: يا ابن آدم: كيف وجدت منزلتك؟ فيقول: أي رب شر منزل، فيقول له: أتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبا؟ فيقول: أي رب نعم، فيقول: كذبت. قد سألتك أقل من ذلك وأيسر فلم تفعل، فيرد إلى النار".

وقال البزار: حدثنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله، ومحمد بن الليث، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن شريك، عن أبيه، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "لم ير مثل النار؟ نام هاربها، ولم ير مثل الجنة؟ نام طالبها".

وروى الحافظ أبو يعلى وغيره: من طريق محمد بن شبيب، عن جعفر بن أبي وحشية، عن سعيد بن جبير، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "لو كان في قعر المسجد مائة ألف أو يزيدون، وفيهم رجل من أهل النار، فتنفس، فأصابهم نفسه، لأحرق المسجد ومن فيه". وهذا حديث غريب جدا.
ذكر وصف جهنم واستاعها وضخامة أهلها أجارنا الله تعالى منها بفضله وكرمه وإحسانه آمين إنه على ما يشاء قدير

قال الله سبحانه وتعالى: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا".

وقال تعالى: "وأما من خفت موازينه " فأمه هاوية وما أدراك ماهيه نار حاميه".

وقال تعالى: "لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها".

وقال تعالى: "يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون".

وقال تعالى: "ألقيا في جهنم كل كفار".

وقال تعالى: "يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد".

كلمة السوء تقال بغير رؤية تهوي بصاحبها في نار جهنم أبعد مما بين المشرق والمغرب

وقد ثبت في الصحيحين من غير وجه، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "لا تزال جهنم يلقى فيها، وتقول هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رب العزة قدميه، فينزوي بعضها إلى بعض، وتقول: قط قط، وعزتك".

وقال مسلم: حدثنا محمد بن أبي عمر المكي، حدثنا عبد العزيز الدراوردي، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها، يهوي بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب".

وقال عبد الله بن المبارك: حدثنا الزبير بن سعد عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة، يضحك بها جلساءه، يهوي بها أبعد من الثريا". غريب، والزبير فيه لين.

وقال أحمد: حدثنا حسين بن محمد، حدثنا خلف بن خليفة، عن يزيد بن كيسان، عن أي حازم، عن أبي هريرة، قال: كنا عند رسول الله ﷺ يوما، فسمعنا وجبة فقال ﷺ: "أتدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفا، والآن انتهى إلى قعرها".

ورواه مسلم: عن محمد بن عباد، وابن عمر، عن مروان، عن يزيد بن كيسان، به نحوه وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، حدثنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف السقطي، حدثنا أحمد ابن يحيى حدثنا أبو أيوب الأنصاري، حدثنا أحمد بن عبد الصمد، حدثنا إسماعيل بن قيس، عن يحيى بن سعيد، عن أبي الحباب سعيد بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: سمع رسول الله ﷺ صوتا، فهاله ذلك، فأتاه جبريل فقال: "ما هذا الصوت يا جبريل؟ قال: هذه صخرة هوت من شفير جهنم منذ سبعين عاما، فهذا حين بلغت قعرها، أحب الله أن يسمعك صوتها".

وقد روى البيهقي، من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن يزيد الرقاشي عن أنس، عن النبي ﷺ، نحوا من هذا السياق.

وثبت في صحيح مسلم عن عتبة بن غزوان، أنه قال في خطبة: "إن الحجر يلقى من شفير جهنم، فيهوي فيها سعبين عاما، ولا يدرك لها قعرا، والله لتملأن أفعجبتم؟ وقد ذكر لنا: "أن ما بين مصراعين من أبواب الجنة مسيرة أربعين سنة، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام" الحديث.

جعلنا الله تعالى من هؤلاء برحمته وكرمه ومنه.
عمق جهنم مسافة هوى حجر مقذوف سبعين سنة

قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن عطاء بن السايب، عن أبي بكرة، عن أبيه، أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله ﷺ: "لو أن حجرا قذف به في جهنم، لهوى سبعين خريفا قبل أن يبلغ قعرها".

روى الترمذي، والنسائي، والبيهقي، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني، واللفظ له من حديث عبد الله ابن المبارك، حدثنا عنبسة، عن حبيب، عن أبي غمرة، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: "أتدرون ما سعة جهنم؟ فقلنا: لا. قال: أجل والله ما تدرون إن ما بين شحمة أذن أحدهم وبين عاتقه مسيرة سبعين خريفا قال: قلنا: لا، قال: أجل والله ما تدرون، حدثتني عائشة: أنها سألت النبي ﷺ عن قوله تعالى: "والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه". فقالت: أين الناس يومئذ؟ فقال: "على جسرجهنم".

روى منه الترمذي والنسائي المرفوع فقط، وقال الترمذي: صحيح غريب من هذا الوجه.

وثبت في صحيح مسلم: من حديث العلاء بن خالد، عن أبي وائل شفيق بن سلمة، عن ابن مسعود مرفوعا: "يجاء بجهنم يوم القيامة تقاد بسبعين ألف زمام، مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها".

وروي موقوفا عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه والله أعلم.

عن علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا: "هل تدرون ما تفسير هذه الآية "إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى". قال: "إذا كان يوم القيامة، تقاد جهنم بسبعين ألف زمام، كل زمام بيد سبعين ألف ملك قال: فنشرت شريرة لولا أن الله حبسها لأحرقت السموات والأرض".

وقال أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، حدثنا عبد الله، حدثنا سعيد بن يزيد، حدثنا أبو السمح؟ عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ﷺ: "لو أن رصاصة مثل هذه وأشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمسمائة سنة، لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين سنة، الليل والنهار، قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها". رواه الترمذي.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الله بن أمية، حدثني محمد بن جني، حدثني صفوان عن معقل، عن أبيه، أن النبي ﷺ قال: "الحر هو جهنم".
تعظيم خلقتهم في النار أعاذنا الله تعالى من من حالهم

قال الله تعالى: "إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما".

وقال أحمد: حدثنا وكيع، حدثني أبو يحيى الطويل، عن أبي يحيى الصبان، عن مجاهد، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ قال: "يعظم أهل النار في النار، حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد".

كذا رواه أحمد : في مسند عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو الصحيح وكذا رواه البيهقي.

ثم رواه من طريق عمران بن زيد عن أبي يحيى الصبان، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر، مرفوعا، فذكر مثله، ثم صحح البيهقي الأول كما ذكرنا والله أعلم.

وهذا الحديث غريب من هذا الوجه، ولبعضه شاهد من وجوه أخر، عن أبي هريرة،.. والله أعلم.
بشاعة الكافر وضخامة جسمه في نار جهنم يوم القيامة

قال الإمام أحمد: حدثنا ربعي عن إبراهيم، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وعرض جلده سبعون ذراعا، وفخذه مثل ورقان، ومقعده من النار مثل ما بيني وبين الربذة".

ورواه البيهقي: من طريق بشر بن الفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، وزاد فيه: "وعضده مثل البيضاء".

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الرحمن يعني ابن عبد الله بن دينار، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "ضرس الكافر مثل أحد، وفخذه مثل البيضاء، ومقعده من النار كما بين قديد ومكة، وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعا الجبار".

طريق أخرى

قال البزار: حدثنا محمد بن الليث الهدادي، وأحمد بن عثمان بن حكيم، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، حدثنا شيبان يعني ابن عبد الرحمن، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "ضرس الكافر مثل أحد، وغلظ جلده أربعون ذراعا".

قال البزار: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا أبو عامر، حدثنا محمد بن عمار، عن أبي صالح مولى التومة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "ضرس الكافر مثل أحد، ومقعده من النار مسيرة ثلاث".

طريق أخرى

قال الحسن بن سفيان: حدثنا يوسف بن عيسى، حدثنا الفضل بن موسى، عن الفضل بن غزوان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ما بين منكبي الكافر مسيرة خمسة أيام للراكب المسرع".

قال الحسن: وحدثنا محمد بن طريف البجلي، حدثنا ابن فضيل، عن أبيه، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رفعه قال: "ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام، للراكب المسرع".

قال البيهقي: رواه البخاري، عن معاذ بن أسد، عن الفضل بن موسى، ورواه مسلم، عن أبي كريب، وغيره، عن ابن فضيل، ولم يقل: رفعه.

قال الزار: حدثنا الحسين بن الأسود، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "ضرس الكافر مثل أحد، وفخذه مثل الورقان، وغلظ جلده أربعون ذراعا".

ثم قال البزار: لا يروى عن أبي هريرة أحسن من هذا الإسناد، ولم يسمعه إلا من الحسين بن الأسود...

قلنا: الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا يحيى عن ابن عجلان، عن عمرو بن شبيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ قال: "يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر، في صور الناس، يعلوهم كل شيء من الصغار، حتى يعلوهم سجن في جهنم يقال له بوليس، فتعلوهم نار الأنيار، يسقون من طينة الخبال، عصارة أهل النار".

وكذا رواه الترمذي والنسائي: عن سويد بن نصر، عن ابن المبارك، عن ابن عجلان به، وقال الترمذي: حسن.

فالمراد أنهم يحشرون يوم القيامة في العرصات كذلك، فإذا سيقوا إلى النار دخلوها، وقد عظمت خلقهم، كما دلت عليه الأحاديث التي أوردناها ليكون ذلك أنكى في تعذيبهم، وأعظم في تعبهم ولهيبهم، كما قال شديد العقاب: "ليذوقوا العذاب".
ذكر أن البحر يسعر في جهنم ويكون من جملة جهنم

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو عاصم، حدثنا عبد الله بن أمية، حدثنا محمد بن حسين حدثنا صفوان بن يعلى بن أمية، عن أبيه، أن النبي ﷺ قال: "البحر هو جهنم". قال يعلى: ثم قال: ألا ترون أن الله يقول: "نار أحاط بهم سرادقها".

"والذي نفسي بيده لا أدخلها أبدا حتى أعرض على الله، ولا يصيبني منها قطرة حتى ألقى الله عز وجل".

وقد رواه البيهقي من طريق يعقوب بن شيبان: حدثنا أبو عاصم، حدثني محمد بن يحيى وفي المسند كما تقدم: بينهما عبد الله بن أمية، وكذلك رواه أبو مسلم الكجي، عن أبي عاصم، عن عبد الله بن أبي أمية، حدثني رجل، عن صفوان بن يعلى، عن يعلى، قال: قال رسول الله ﷺ: "البحر هو جهنم".

وقال أبو داود: حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا إسماعيل بن زكريا، عن مطرف، عن بشر بن مسلم، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يركب البحر إلا حاج، أو معتمر أو غاز في سبيل الله، فإن تحت البحر نارا، وتحت النار بحر".
ذكر أبواب جهنم وصفة خزنتها وزبانيتها أجارنا الله تعالى منها

قال الله تعالى: "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا، قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين".

وقال تعالى: "لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم".
وصف الصراط وبيان تفاوت سرعة الناس في مرورهم عليه

وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو العباس الأصم، حدثنا سعيد بن عثمان، حدثنا بشر بن بكر، حدثني عبد الرحمن بن يزيد، حدثني أبو سعيد، سمعت أبا هريرة يقول، قال رسول الله ﷺ: "إن الصراط بين ظهري جهنم دحض مزلة والأنبياء يقولون: اللهم سلم، والناس كلمح البرق، وكطرف العين، وكأجاويد الخيل، والبغال، والركاب، شدا على الأقدام، فناج مسلم، ومخدوش مسلم ومطروح فيها، ولها سبعة أبواب، لكل باب منهم جزء مقسوم".

وقال البيهقي: أخبرنا أبو الحسن بن بشران، أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، حدثنا سعدان بن نصر، حدثنا معمر، عن الخليل بن مرة، أن رسول الله ﷺ، كان لا ينام حتى يقرأ تبارك، وحم السجدة، وقال: "الحواميم سبع، وأبواب جهنم سبع، جهنم، والحطمة، ولظى، وسعير، وسقر، والهاوية، والجحيم". قال: تجيء كل حم منها يوم القيامة- أحسبه قال-: تقف على باب من هذه الأبواب، فتقول: اللهم لا يدخل هذه الأبواب من كان يؤمن بي ويقرأني.

ثم قال البيهقي: وهذا منقطع، والخيل بن مرة فيه نظر.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا خلف بن هشام، حدثنا أبو شهاب الخياط، عن عمرو بن قيس المدني، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: "إن أبواب جهنم بعضها فوق بعض "- وأشار أبو شهاب بأصابعه- فيملأ هذا، ثم يملأ هذا، ثم هذا، ثم هذا".

حدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري، حدثنا حجاج، أخبرنا ابن جريج في قوله لها سبعة أبواب قال: "أولها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم- وفيها أبو جهل- ثم الهاوية". وروى الترمذي من حديث مالك بن مغول عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: "لجهنم سبعة أبواب، باب منها لمن سل السيف على أمتي".

ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول، وقال أبي بن كعب: لجهنم سبعة أبواب باب منها للحرورية.

وقال وهب بن منبه: "بين كل بابين مسيرة سبعين سنة، كل باب أشد من الذي فوقه بسبعين ضعفا".

وقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعضون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون".

أي لهم قوة على إبراز ما أمروا به، من العزم، إلى الفعل، فلهم عزم صادق، وأفعال عظيمة، وقوة بليغة، وشدة باهرة.

وقال تعالى: "عليها تسعة عشر وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة". أي لكمال طاعتهم وقوتهم.

وقال تعالى: "وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا".

أي اختبارا وامتحانا، وكأن هؤلاء التسعة عشر كالمقدمين، الذين لهم أعوان وأتباع، وقد روينا هذا عند الكلام على قوله تعالى: "خذوه فغلوه".

ثم إن الرب تعالى، إذا أمر بذلك، يبتدره سبعون ألفا من الزبانية.

وقد قال الله تعالى: "فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد".

وروى الحافظ الضياء: من حديث محمد بن سليمان بن أبي داود، عن أبيه، عن زيد البصري، عن الحسن البصري، عن أنس، مرفوعا: "والذي نفسي بيده، لقد خلقت ملائكة جهنم، قبل أن تخلق جهنم بألف عام، فهم كل يوم يزدادون قوة إلى قوتهم، حتى يقبضوا على من يقبضون عليه بالنواصي والأقدام".
ذكر سرادق النار وهو سورها المحيط بها وما فيها من المقامع والأغلال والسلاسل والأنكال

قال الله تعالى: "إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا".

وقال تعالى: "إنها عليهم موصدة في عدد ممددة".

مؤصدة: أي مطبقة، وقد رواه ابن مردويه في تفسيره من طريق شريك عن عاصم بن أبي صالح، عن أبي هريرة، مرفوعا.

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة، عن أسعد الأحسي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، قوله، وقوله تعالى: "إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما".

وقال تعالى: "إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يمسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون".

وقال تعالى: "يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر وما أمزنا إلا واحدة كلمح بالبصر".

وقال تعالى: "لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ذلك يخوف الله به عبادده يا عباد فاتقون".

وقال تعالى: "لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين".

وقال تعالى: "هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم يصهر به ما في بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد".

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا زهير، حدثنا حسن، عن ابن لهيعة، حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "لسرادق أهل النار أربع جدر، كنف كل جدار مسيرة أربعين سنة". ورواه الترمذي: عن سويد، عن ابن المبارك، عن رشدين بن سعد، عن عمرو بن الحارث، عن دراج، به نحوه.

وقال أحمد: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله ﷺ قال: "لو أن مقمعا من حديد من مقامع أهل النار، وضع في الأرض، فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض".

وقال ابن وهب: عن عمرو بن الحارث، عن دراج أبي السمح، أبي سعيد، أن رسول الله ﷺ قال: "لو ضرب بمقمع من حديد الجبل، لفتته فعاد غبارا".
ألوان من عذاب أهل النارأجارنا الله عز وجل منها

وروى الحافظ أبو بكر بن مردويه في تفسيره: من طريق بشر بن طلحة، عن خالد بن دريك، عن يعلى بن منبه، عن النبي ﷺ قال: "ينشىء الله لأهل النار سحابة مظلمة، فإذا أشرفت عليهم، نادتهم: يا أهل النار: أي شيء تطلبون؟ وما الذي تسألون؟ فيذكرون بها سحائب الدنيا، والماء الذي كان ينزل عليهم، فيقولون: نسأل يا رب الشراب، فتمطرهم أغلالا، تزداد في أعناقهم، وسلاسل، تزداد في سلاسلهم، وجمرا يلهب النار عليهم".

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا بشر بن الوليد الكندي، حدثنا سعيد بن زربي، عن حميد بن هلال، عن أبي الأحوص، قال ابن مسعود: أي أهل النار أشد عذابا؟ فقال رجل: المنافقون، قال: صدقت. قال: فهل تدري كيف يعذبون. قال: يجعلون في توابيت من حديد، تطبق عليهم، ثم يجعلون في الدرك الأسفل من النار، في تنانير أصغر من الرخ، يقال له جب الحزن، فيطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني علي بن حسن، عن محمد بن جعفر المدائني، حدثنا بكر بن خنيس، عن أبي سلمة الثقفي، عن وهب بن منبه قال: "إن أهل النار الذين هم أهلها، هم في النار، لا يهتدون ولا ينامون، ولا يموتون، يمشون على النار، يجلسون على النار، ويشربون من صديد أهل النار، ويأكلون من زقوم أهل النار، لحفهم نار، وفرشهم نار، وقمصهم نار وقطران، وتغشى وجوههم النار، وجميع أهل النار في سلاسل بأيدي الخزنة أطرافها، يجذبونهم مقبلين ومدبرين، فيسيل صديدهم إلى حفير في النار، فذلك شرابهم".

قال: ثم بكى وهب حتى سقط مغشيا عليه، قال: وغلب بكر بن خنيس البكاء حتى قام فلم يقدر أن يتكلم، وبكى محمد بن جعفر بكاء شديدا.

وهذا الكلام عن وهب بن منبه اليماني، وقد كان ينظر في كتب الأوائل، وينقل في صحف أهل الكتاب، الغث والسمين، ولكن هذا له شواهد من القرآن العظيم وغيره من الأحاديث، قال الله تعالى: "إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون".

وقال تعالى: "لو يعلم الذين كفزوا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون".

وقال تعالى: "والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير".

وقال تعالى: "وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال".

وقال تعالى: "ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيا".

وتقدم في الصحيح: أن أهل النار الذين هم أهلها، لا يموتون فيها، ولا يحيون، وفي الحديث المتقدم في ذبح الموت بين الجنة والنار ثم يقال: "يا أهل الجنة خلود بلا موت، ويا أهل النار خلود بلا موت".

وكيف ينام من هو في عذاب متواصل لا يفتر عنه ساعة واحدة ولا لحظة؟ وقال تعالى: "كلما خبت زدناهم سعيرا".

وقال تعالى: "كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق".

وقال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم، حدثنا ابن المبارك، عن سعيد بن يزيد، عن أبي السمح، عن ابن حجيرة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال في أهل النار: "إن الحميم ليصب على رأس أحدهم، فينفذ من الجمجمة، حتى يخلص إلى جوفه، فيسلب ما في جوفه، ثم يمرق من قدميه".

وروى الترمذي، والطبراني: واللفظ له من حديث قطبة بن عبد العزيز، عن الأعمش، عن شهر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله ﷺ: "يلقى على أهل النار الجوع، فيعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون بالطعام فيؤتون بطعام ذي غصة، فيذكرون أنهم كانوا يستغيثون في الدنيا بالشراب، فيستغيثون بالشراب، فيؤتون بالحميم، في أكواب من نار، فإذا أدنيت من وجوههبم قشرت وجوههم، فإذا أدخلت بطونهم قطعت بطونهم، فيستغيثون عند ذلك، فيقال لهم: "أو لم تك تآتيكم رسلكم بالبينات".

فيقولون: بلى: "فيقال: "فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال". فيقولون: ادعوا لنا مالكا.

فيقولون: "يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون".

فيقولون: "ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين".

فيقال: "اخسئوا فيها ولا تكلمون".

رواه الترمذي: عن الدارمي، وحكي عنه أنه قال: الناس لا يعرفون هذا الحديث. قال الترمذي: إنما يروى عن أبي الدرداء.
طعام أهل النار وشرابهم

قال الله تعالى: "ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع".

والضريع: شوك بأرض الحجاز يقال له: الشبرق، وفي حديث الضحاك عن ابن عباس مرفوعا: "الضريع: شيء يكون في النار، يقال: يشبه الشوك. أمر من الصبر، وأنتن من الجيفة، وأشد حرا من النار، إذا طعمه صاحبه لا يدخل البطن، ولا يرتفع إلى الفم، فيبقى بين ذلك، ولا يسمن ولا يغني من جوع"، وهذا حديث غريب جدا.

وقال تعالى: "إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما".

وقال: "واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد من ورائه جهنم ويئسقى من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ".

وقال تعالى: "ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالئون منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم هذا نزلهم يوم الدين".

وقال تعالى: "أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤوس الشياطين فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم".

وقال عبد الله بن المبارك: حدثنا صفوان بن عمرو، عن عبد الله بن بشر اليحصبي، عن أبي أمامة، عن رسول الله ﷺ، في قول الله تعالى: "ويسقى من ماء صديد يتجرعه" قال: "يقرب إليه فيتكرهه، فإذا أدنى منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه فيه، فإذا شربه قطع أمعاءه. حتى يخرج من دبره".

قال الله تعالى: "وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم".

ويقول الله تعالى: "وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب".

رواه الترمدي: عن سويد بن نضر، عن المبارك، به نحوه وقال: حسن غريب... وفي حديثأبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن الأعمش عن مجاهد، عن ابن عباس، أن رسول الله ﷺ تلا هذه الآية. "اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون".

فقال: "لو أن قطرة من الزقوم قطرت في بحار الدنيا، لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه".

رواه الترمذي: عن محمود بن غيلان، عن أبي داود، قال: حسن صحيح.. ورواه النسائي، وابن ماجه، من حديث شعبة به وقال أبو يعلى: حدثنا زهير، حدثنا الحسن بن موسى الأشيب، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا دراج أبو السمح، أن أبا الهيثم حدثه: عن أبي سعيد، عن رسول الله ﷺ قال: "لو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا".

ورواه الترمذي: من حديث دراج، وعن كعب الأحبار أنه قال: "إن الله لينظر إلى عبده يوم القيامة وهو غضبان، فيقول: خذوه، فيأخذه مئة ألف ملك، أو يزيدون، فيجمعون بين ناصيته وقدميه، غضبا لغضب الله، فيسحبونه على وجهه إلى النار، فالنار أشد غضبا منهم بسبعين ضعفا، فيستغيث بشربة، فيسقى شربة يسقط منها لحمه وعصبه، ويكدس في النار، فويل له من النار".

وعنه أيضا أنه قال: "هل تدرون ما غساق؟ قالوا: لا، قال: إنه عين في جهنم، تسيل إليها حمة كل ذي حمة، من حية أو عقرب، أو غير ذلك، يستنقع، يؤتى بالآدمي فيغمس فيه غمسة واحدة، فيخرج وقد سقط جلده عن العظام، ويعلق جلده ولحمه في كعبه، فيجر لحمه كما يجر الرجل ثوبه".
ذكر أحاديت وردت بأسمائها وبيان صحيح ذلك من سقيمه

الهاوية: قال ابن جريج: أسفل درك في النار، قال الله تعالى: "وأما من خفت موازينه، فأمه هاوية"، قيل: فأم رأسه هاوية: أي ساقطة، من الهوى في النار.

كما ورد في الحديث: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله، يهوي بها في النار سبعين خريفا" وفي رواية: "أبعد ما بين المشرق والمغرب".

وقيل: المراد بقوله: فأمه هاوية: أي الدرك الأسفل من النار، أو صفة النار من حيث هي وقد ورد الحديث بما يقوي هذا المعنى والله أعلم.

قال أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه: حدثنا عبد الله بن خالد بن محمد بن رستم، حدثنا محمد بن طاهر بن أبي الدميك، حدثنا إبراهيم بن زياد، حدثنا عباد بن عباد، حدثنا روح بن المسيب: أنه سمع ثابت البناني يحدث عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا مات المؤمن يسألونه ماذا فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ فإن كان مات ولم يأتهم، قالوا: خولف به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم، وبئست المربية، حتى يقولوا: ما فعل فلان؟ هل تزوج؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فيقولون: دعوه يستريح فقد خرج من مركب".

وقال ابن جرير: حدثنا ابن عبد الأعلى، حدثنا ابن مسور، عن معمر، عن الأشعث بن عبد الله الأعمى، قال: "إذا مات المؤمن ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين، فيقولون: زوجوا أخاكم، فإنه كان في غم الدنيا، قال: ويسألونه ما فعل فلان؟ فيقول: مات، أو ما جاءكم؟ فيقولون: ذهب به إلى أمه الهاوية".

وروى الحافظ الضياء: من طريق شريك القاضي، عن الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود، قال قال رسول الله ﷺ: "القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها أو قال: يكفر كل ذنب إلا الأمانة، يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له: أد أمانتك، فيقول: أنى يا رب، وقد ذهبت الدنيا؟- ثلاث مرات- فيقال: اذهبوا به إلى الهاوية، فيذهب به إليها، فيهوي فيها حتى ينتهي إلى قعرها، فيجدها هناك، كهيئتها، فيحملها، فيضعها على عاتقه، ثم يصعد بها في نار جهنم، حتى إذا رأى أنه قد خرج، زلت وهوت، وهوى في أثرها أبد الآبدين، قال: والأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم، والأمانة في الوضوء، والأمانة في الحديث، وأشد من ذلك الودائع: قال:- يعني زاذان- فلقيت البراء فقلت: ألا تسمع ما يقول أخو عبد الله؟ فقال: "صدق".

وهذا الحديث ليس هو في المسند، ولا في شيء من الكتب الستة.
سجن في جهنم له بولس أعاذنا الله عز وجل منه

تقدم ذكره في حديث رواه الإمام أحمد: من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ.
جب الحزن

قال علي بن حرب: حدثنا عبد الرحمن بن محمد، حدثنا عمار بن سيف، عن أبي معاذ، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "استعيذوا بالله من جب الحزن، قالوا: يا رسول الله: وما جب الحزن. قال: واد في جهنم، تستعيذ جهنم منه كل يوم أربعمائة مرة، أعد للقراء المرائين بأعمالهم، وإن من أبغض القراء الى الله الذين يراءون الأمراء الجورة" .

ورواه الترمذي، وابن ماجه: من حديث عمار بن سيف، عن أبي معاذ وهو الصواب اختصره الترمذي، وقال: غريب، وعنده- مائة مرة-. و بسط ابن ماجه وعنده: يراءون الأمراء الجورة".

ذكر نفر فيها هو منها بمنزلة الأوساخ والأقذار والنتن في الدنيا أعاذنا الله سبحانه وتعالى منه بمنه وكرمه
لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا قاطع رحم ولا مصدق بسحر

قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا المعتمر بن سليمان، قال: قرأت عن الفضل بن ميسرة، من حديث أبي جرير، أن أبا بردة حدثه من حديث أبي موسى، أن النبي ﷺ قال: "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر، ومن مات مدمن الخمر سقاه الله من نهر الغوطة، قيل: وما نهر الغوطة. قال: نهر يجري من فروج المومسات، يؤذي أهل النار ريح فروجهن".
ذكر وادي لملم

قال الحسن بن سفيان: حدثنا حبان بن موسى، حدثنا ابن المبارك، حدثنا يحيى بن عبيد الله، سمعت أبي يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: "إن في جهنم لواديا يقال له لملم، وإن أودية جهنم لتستعيذ بالله من حره" هذا حديث غريب.
ذكر واد وبئر فيها يقال له هبهب

قال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا أبو خيثمة، حدثنا يزيد بن هارون، حدثنا الأزهر بن سفيان، حدثنا محمد بن واسع، قال: دخلت على بلال بن أبي بردة، فقلت له: يا بلال، إن أباك حدثني، عن أبيه، عن النبي ﷺ أنه قال: "إن في جهنم واديا يقال له هبهب، حق على الله أن يسكنه كل جبار، فإياك يا فلان أن تكون ممن يسكنه".

وقد رواه الطبراني: من حديث سعيد بن سليمان، عن أزهر بن سنان، عن محمد بن واسع: أنه دخل على بلال بن أبي بردة بن أبي موسى، فقال له: إن أباك حدثني، عن جدك، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "إن في جهنم واديا في الوادي بئر يقال لها هبهب، على الله أن يسكنه كل جبار". تفرد به أزهر بن سنان، وقد تكلم فيه بعض الحفاظ ولينه.
ذكر ويل وصعود معنى الويل

قال الله تعالى: "ويل يومئذ للمكذبين".

وقال: "سأرهقه صعودا".

وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله ﷺ قال: "ويل: واد في جهنم، يهوي فيه الكفار أربعين خريفا، قبل أن يبلغ قعره، والصعود: جبل من نار، يتصعد فيه سبعين خريفا، ثم يهوي به كذلك، فيه أبدا".

وكذلك رواه الترمذي، عن عبد بن حميد، عن الحسن بن موسى الأشيب، عن ابن لهيعة، عن دراج ثم قال: غريب لا نعرفه إلا من طريق ابن لهيعة، وقد رواه ابن جرير، عن يونس، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن دراج به. وبكل حال فهو حديث غريب بل منكر.

والأظهر في تفسير ويل، أنه ضد السلامة والنجاة، كما تقول العرب: ويل له: ويا ويله، وويله.
معنى صعود

وقد روى البزار، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه: من حديث شريك القاضي، عن عمار الذهبي، عن عطية، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ في قوله: صعودا: "هو جبل في النار، يكلف الكافر أن يصعده، فإذا وضع يده عليه ذابت، فإذا رفعها عادت، وإذا وضع رجله عليه ذابت، فإذا رفعها عادت".

وقال قتادة: قال ابن عباس: صعود صخرة في جهنم يسحب عليها الكافر على وجهه، وقال السدي: صعود: صخرة ملساء في جهنم، يكلف الكافر أن يصعدها.

وقال مجاهد: سأرهقه صعودا: أي مشقة من العذاب، وقال قتادة: عذابا لا راحة فيه، واختاره ابن جرير.
ذكر حياتها وعقاربها أعاذنا الله منها

قال الله تعالى: "ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة".

وثبت في صحيح البخاري: من طريق عبد الله بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته، إلا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع، له زبيبتان، يأخذ بلهزمتيه فيقول: أنا مالك، أنا كنزك".

وفي رواية: "يفر منه، وهو يتبعه، ويتقي منه فيلقم يده، ثم يطوقه". وقرأ هذه الآية، وقد روي مثله عن ابن مسعود مرفوعا.

وقال الأعمش: عن عبد الله بن مروة، عن مسروق، عن عبد الله بن دينار في قوله تعالى: "الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون". قال: عقارب لها أذناب، كالنحل الطوال.

وروى البيهقي: عن الحاكم، عن الأصم، عن محمد بن إسحاق، عن أصبغ بن الفرج، عن ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، أن دراجا حدثه: أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، عن النبي ﷺ: "إن في النار لحيات، أمثال أعناق البخت، يلسعن اللسعة أحدهم، فيجد حموها أربعين خريفا".

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثني محمد بن إدريس الحنظلي، حدثنا محمد بن عثمان أبو الجماهير، عن إسماعيل بن عياش، عن سعيد بن يوسف، وعن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، حدثني الحجاج بن عبد الله الثمالي- وكان قد رأى النبي ﷺ وحج معه حجة الوداع- أن نصر بن نجيب- وكان من أصحاب النبي ﷺ وقدمائهم- حدثه: أن في جهنم سبعين ألف واد ، في كل واد سبعون ألف شعب، في كل شعب سبعون ألف بيت، في كل بيت سبعون ألف شق، في كل شق سبعون ألف ثعبان، في شق كل ثعبان سبعون ألف عقرب، لا ينتهي الكافر والمنافق حتى يوافق ذلك كله.

وهذا موقوف، غريب جدا، بل منكر نكارة شديدة، وسعيد بن يوسف الذي حدث عنه به إسماعيل ابن عياش مجهول، والله أعلم، وبتقدير إسماعيل بن عياش له، عن يحيى بن أبي كثير، فهو حجازي، وإسماعيل من الشاميين، وهو غير مقبول.

وقد ذكر هذا الأثر في تاريخه الكبير بنحو من هذا السياق، والله أعلم.

وقد ذكر بعض المفسرين في غي وأثام: أنهما واديان من أودية جهنم... أجارنا الله منها..

وقال بعضهم في قوله تعالى: "وجعلنا بينهم موبقا". هو نهر من قيح ودم.

وقال عبد الله بن عمرو، ومجاهد: هو واد من أودية جهنم، وزاد عبد الله بن عمرو: يفرق يوم القيامة بين أهل الهدى، وأهل الضلالة.

وروي البيهقي: عن الحاكم، عن الأصم، عن العباس الدوري، عن ابن معين، عن هشيم بن العوام بن حوشب، عن عبد الجبار الخولاني، قال: "قدم علينا رجل من أصحاب النبي ﷺ دمشق، فرأى ما في الناس فقال: وما يغني عنهم. أليس من ورائهم الغلق؟ قيل: وما الغلق؟ قال: جب في جهنم، إذا فتح هرب منه أهل النار". هكذا قال يحيى هرب منه أهل النار ولم يقل فر منه.
خطبة واعظة ترغب وترهب من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

وروي البيهقي، عن الحاكم، عن الأصم، عن إبراهيم بن مرزوق، بمصر، عن سعيد بن عامر، عن شعبة. قال: كتب إلى منصور، وقرأته عليه، عن مجاهد، عن يزيد بن شجرة، قال: كان يزيد بن شجرة رجلا من الزهاد، وكان معاوية يستعمله على الجيوش، فخطبنا يوما، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، اذكروا نعمة الله عليكم، لو ترون ما أرى، من بين أحمر وأصفر، ومن كل لون- وفي الرحال ما فيها- إنه إذا أقيمت الصلاة، فتحت أبواب السماء وأبواب الجنة، وزين الحور العين، وإذا أقبل أحدكم على القتال بوجهه، زينته الحور العين، وانطلقن يقلن: اللهم ثبته، اللهم انصره، فإذا أدبر، احتجبن عنه، وقلن: اللهم عليه فانهلوا من دماء القوم فداكم أبي وأمي، فإن أول قطرة تقطر من دمائكم، يحط الله بها عنكم خطاياكم، كما يحط ورق الشجر عن الغصن، وتبتدره اثنتان من الحور العين، ويمسحان التراب عن وجهه، ويقولان: نحن لك فداء، ويقول هو: أنا لكما فداء، فيكسي مائة حلة، لو وضعت بين إصبعي هاتين لوسعتاهن، ليست من نسج بني آدم، ولكنها من ثياب الجنة، إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم، وسيماكم، ونجواكم، وحلالكم، وحرامكم، ومجالسكم، فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان هذا نورك، يا فلان هذا نورك، يا فلان لا نور لك، وإن لجهنم ساحلا كساحلا البحر، فيه هوام وحيات، كالبخاتي البزل، فإذا سأل أهل النار التخفيف قيل: اخرجوا إلى الساحل، فتأخذهم تلك الهوام بشفاههم، وجنوبهم، وبما شاء من ذلك، فيسلطها عليهم، فيرجعون فيتأدون إلى معظم النار، ويسلط عليهم الجرب، حتى إن أحدهم ليحك جلده حتى يبدو العظم، فيقال: يا فلان: هل يؤذيك هذا؟ فيقول: نعم، فيقال له: ذلك بما كنت تؤذي المؤمنين.

وقال الترمذي: بإسناده عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ: "من سأل الله الجنة ثلاث مرات، قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ومن استجار من النار ثلاثا، قالت النار: اللهم أجره من النار".
رحمة الله قريب ممن يستجير به مخلصا من حر النار وزمهريرها


النهاية--

خمس لا تزول قدما العبد عن أرض المحشر يوم القيامة حتى يسأل عنها

وقال الحافظ أبو يعلى: حدثنا محمد بن بكار الصيرفي، حدثنا أبو محصن حصين بن نمير، عن حصين بن قيس، عن عطاء، عن ابن عمر، عن ابن مسعود قال: لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن خمس: عن عمرك فيم أفنيت وعن شبابك فيم أبليت وعن مالك من أين اكتسبته وفيم أنفقته وما عملت فيما علمت.

وروى البيهقي: من طريق عبد الله عن شريك بن عبد الله، عن هلال، عن عبد الله بن عليم قال: كان عبد الله بن مسعود إذا حدث بهذا الحديث قال: "ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به، كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر، فيقول: يا عبدي ما غرك بي؟ ماذا عملت فيما علمت؟ ماذا أجبت المرسلين؟ ". هكذا رواه الحافظ البيهقي بعد الحديث الذي رواه هو من طريق محمد بن خليفة، عن عدي بن حاتم، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "وليقفن أحدكم بين يدي الله تعالى ليس بينه وبينه حجاب يحجبه، ولا ترجمان يترجم له، فيقول: ألم أوتك مالا؟ فيقول: بلى، فيقول: ألم أرسل إليك رسولا؟ فيقول: بلى، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار، وينظر عن يساره فلا يرى إلا النار، فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة" . وقد رواه البخاري في صحيحه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا بهز وعفان قالا: حدثنا همام، عن قتادة، عن صفوان بن محرز قال: كنت آخذ بيد ابن عمر فجاءه رجل فقال: كيف سمعت رسول الله ﷺ يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه، ويستره من الناس، ويقرره بذنوبه، فيقول له: أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه، ورأى في نفسه أن قد هلك، قال الله تعالى: "فإني سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم، ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه، وأما الكفار والمتملقون فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين". وأخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة.

وقال أحمد: حدثنا بهز، وعفان قالا: حدثنا حماد بن سلمة، حدثنا إسحاق بن عبد الله، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "يقول الله يوم القيامة: يا ابن آدم، حملتك على الخيل والإبل، وزوجتك النساء، وجعلتك ترأس وترتع، فأين شكر ذلك؟".

روى مسلم من حديث سهل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ في حديث طويل قال فيه: "فيلقى الله العبد فيقول: أي قل: ألم أكرمك، وأسودك، وأزوجك، وأسخر لك الخيل، والإبل، وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى، أي رب، فيقول: أفطنت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، فيقول: إني أنساك كما نسيتني، ثم يلقى الثاني، فيقول: أي قل: ألم أكرمك، وأزوجك، وأسودك، وأسخر لك الخيل، والإبل، وأذرك ترأس وتربع. فيقول: بلى، أي رب، فيقول: أفطنت أنك ملاقي؟ فيقول: لا، يا رب، فيقول: إني أنساك، كما نسيتني، ثم يلقى الثالث، فيقول له: مثل ذلك، فيقول يا رب آمنت بك، وبكتابك، و برسولك وصليت، وصمت، وتصدقت، ويثني بخير ما استطاع، قال: فيقول فها هنا إذا، قال: ثم يقال: الآن نبعث شاهدنا عليك، فيذكر في نفسه: من الذي يشهد علي. فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه، فتنطق، فخذه، ولحمه، وعظامه بعمله ما كان، ذلك ليعذر من نفسه، وذلك المنافق، وذلك الذي يسخط الله عليه، ثم ينادي مناد: أتبعت كل أمة ما كانت تعبد. وسيأتي الحديث بطوله.

وقد روى البزار، عن عبد الله بن محمد الزهري، عن مالك، عن سعيد بن الحسن، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وأبي سعيد رفعاه إلى رسول الله ﷺ، فذكر مثله.

وقد روى مسلم والبيهقي واللفظ له من حديث سفيان الثوري، عن عبيد، عن فضيل بن عمرو، عن عامر الشعبي، عن أنس بن مالك قال: كنا مع رسول الله ﷺ فضحك وقال: هل تدرون مم أضحك؟ قال: قلنا الله ورسوله أعلم. قال: من مخاطبة العبد ربه يوم القيامة. يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول بلى قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهدا مني. قال: فيقول الله: "كفى بنفسك اليوم عليك شهيدا، وبالكرام الكاتبين شهودا، قال: فيختم الله على فيه ويقول لأركانه: انطقي، فتنطق بأعماله، ثم يخلي بينه وبين الكلام قال: فيقول: بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل". وقال أبو يعلى: حدثنا زهير، حدثنا الحسن، حدثنا ابن لهيعة، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، عن رسول الله ﷺ قال: "إذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله، فجحد، وخاصم، فيقال: هؤلاء جيرانك يشهدون عليك: فيقول: كذبوا، فيقال: أهلك، عشيرتك فيقول: كذبوا، فيقال: احلفوا فيحلفون، ثم يصمتهم الله، وتشهد عليهم ألسنتهم، ويدخلهم النار".

وروى أحمد والبيهقي من حديث يزيد بن هارون، عن الحريري، عن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن النبي ﷺ قال: "تجيئون يوم القيامة على أفواهكم الفدام، فأول ما يتكلم من ابن آدم فخذه وكفه"..

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا حدثنا أحمد بن الوليد بن أبان، أخبرنا محمد محمد بن الحسن المحزومي، حدثني عبد الله بن عبد العزيز الليثي، عن ابن شهاب الله بن عبد العزيز الليثي، عن ابن شهاب، عن عطاء ابن زيد، عن أبي أيوب رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: "أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته، والله ما يتكلم لسانها، ولكن يداها، ورجلاها، يشهدان عليها بما كانت تعيب لزوجها، وتشهد يداه ورجلاه بما كان يوليها، ثم يدعي بالرجل وخدمه مثل ذلك، ثم يدعى بأهل الإسراف، فما يؤخذ منهم دوانيق، ولا قراريط، ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم، وتدفع سيئات هذا إلى الذي ظلمه، ثم يؤتى بالجبارين في مقامع من حديد، فيقال: ردوهم إلى النار، فما أدري أيدخلوها، أم كما قال الله تعالى؟ "وإن منكم إلا واردها، كان على ر بك حتما مقضيا ثم تنجي الذين اتقوا، ونذر الظالمين فيها جثيا".

ثم قال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن صالح، والحسن بن يعقوب، حدثنا السري بن خزيمة، حدثنا عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثنا يحيى بن أبى سليمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قرأ رسول الله ﷺ هذه الآية: "يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها". قال: أتدرون ما أخبارها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بكل ما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا، وكذا، في يوم كذا وكذا، فذلك أخبارها، رواه الترمذي والنسائي، من حديث عبد الله بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب، وقال الترمذي حسن غريب صحيح.

وروى البيهقي من حديث الحسن البصري، حدثنا خصفة عم الفرزدق، أنه قال: قدمت على رسول الله ﷺ فسمعته يقرأ هذه الآية: "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره". فقال: والله لا أبالي أن لا أسمع غيرها، حسبي حسبي.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا الحسن بن عيسى، حدثنا عبد الله بن المبارك، حدثنا حيوة بن شريح، حدثنا الوليد بن أبي الوليد، أبي عثمان المديني: أن عقبة بن مسلم حدثه، أن سيفا حدثه، أنه دخل المدينة، فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس. فقال: من هذا؟ فقالوا: أبو هريرة، فدنوت منه، حتى قعدت بين يديه، وهو يحدث الناس، وخلا قلت له: أنشدك بحق وحق إلا ما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله ﷺ عقلته وعلمته ثم نشع أبو هريرة نشعة، فمكث طويلا، ثم أفاق، ثم قال: لأحدثتك حديثا حدثنيه رسول الله ﷺ؟ في هذا البيت، ما معنا أحد غيري، وغيره، ثم نشع أبو هريرة نشعة أخرى، فمكث كذلك، ثم مسح وجهه، ثم قال أفعل، لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله ﷺ في هذا البيت، ما معنا، أحد غيري وغيره، ثم نشع أبو هريرة نشعة شديدة، ثم مال حادا على وجهه، وأسند خده طويلا، ثم أفاق، فقال: قال رسول الله ﷺ: إن الله تعالى، إذا كان يوم القيامة نزل إلى العباد ليقضي بينهم، وكل أمة جاثية فأول من يدعى رجل القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله تعالى للقارىء، ألم علمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى، يا رب، قال: فما عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم أثناء الليل النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: إنما أردت أن يقال: فلان قارىء، فقد قيل ذلك، ويؤتى بصاحب المال، فيقول الله تعالى: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد، قال: بلى، يا رب، قال: فما عملت فيما آتيتك؟ قال: كنت أصل الرحم، وأتصدق، فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال: فلان جواد، فقيل فيك ذلك، ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله، فيقال له: فيما ذا قتلت؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك، فقاتلت حتى قتلت، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله تعالى: بل أردت أن يقال: فلان جريء، فقد قيل ذلك، قال أبو هريرة: ثم ضرب رسول الله ﷺ على ركبتي فقال: يا أبا هريرة: أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة.

قال الوليد أبو عثمان: فأخبرني عقبة أن سيفا وكان سياقا لمعاوية دخل على معاوية، فأخبره بحديث أبي هريرة هذا، فقال معاوية: فقد فعل هؤلاء هذا فكيف بمن بقي من الناس؟ ثم بكى معاوية بكاء شديدا، حتى ظننا أنه هالك، ثم أفاق، ومسح عن وجهه، وقال: صدق الله ورسوله: "من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون".
الصلاة أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة فإن صلحت صلح عمله كله وإن فسدت فسد سائر عمله

وقال ابن أبي الدنيا: أخبرنا عثمان، أخبرنا محمد بن بكار بن بلال قاضي دمشق، أخبرنا سعيد بن بشر، عن قتادة، عن الحسن، عن حريث بن قبيصة، عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "أول ما يحاسب به الرجل صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله، ثم يقول الله عز وجل: انظروا هل لعبدي نافلة؟ فإن كانت له نافلة أتمت بها الفريضة، ثم الفرائض كذلك". رواه الترمذي والنسائي من حديث همام، عن قتادة، وقال الترمذي: حسن غريب، ورواه النسائي من حديث عمران بن داود بن العوام، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة.

وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا المبارك هو ابن فضالة، عن الحسن، عن أبي هريرة أراه ذكره، عن النبي ﷺ: "إن العبد المملوك ليحاسب بصلاته، فإذا نقص منها قيل له: لم نقصت منها؟ فيقول: يا رب: سلطت علي ملكا شغلني عن صلاتي، فيقول: قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك، فهلا سرقت لنفسك من عملك أو عمله؟ قال: فيتخذ الله عليه الحجة" وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا علي بن الجعد أخبرنا مبارك بن فضالة، حدثنا الحسن قال: قال رسول الله ﷺ: "أول ما تسأل عنه المرأة يوم القيامة صلاتها، ثم عن بعلها، كيف فعلت إليه؟ ". وهذا مرسل جيد.

قال أحمد: حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم، حدثنا عباد بن راشد، قال: حدثنا الحسن، حدثنا أبو هريرة إذ ذاك ونحن بالمدينة قال: قال رسول الله ﷺ: "تجيء الأعمال يوم القيامة، فتجيء الصلاة فتقول: يا رب: أنا الصلاة، فيقول: إنك على خير وتجيء الصدقة فتقول: يا رب: أنا الصدقة، فيقول: إنك على خير، ويجيء الصيام فيقول: يا رب أنا الصيام، فيقول: إنك على خير، ثم تجيء الأعمال، كل ذلك يقول الله: إنك على خير، ثم يجيء الإسلام، فيقول: يا رب: إنك السلام وإني الإسلام فيقول الله: إنك على خير، اليوم بك آخذ، وبك أعطي. قال الله تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا عبده بن عبد الرحيم المروزي: أخبرنا بقية بن الوليد الكلاعي: أخبرنا سلمة بن كلثوم، عن أنس بن مالك، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يؤتى بالحكام الظالمين يوم القيامة، بمن قضى قبلي، ومن يجيء بعدي، فيقول الله: أنتم خزان أرضي، ورعاة عبادي، وعندكم بغيتي فيقول للذي قضى قبلي: ما حملك على ما صنعت؟ فيقول: الرحمة، فيقول الله جل جلاله: أنت أرحم بعبادي مني؟ ويقول: للذي بعدي: ما حملك على ما صنعت؟ فيقول: غضبت لك فيقول الله: أنت أشد غضبا مني؟ فيقول الله: انطلقوا بهم، فسدوا بهم ركنا من أركان جهنم".

وقال ابن أبي الدنيا رحمه الله تعالى: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا يحيى بن سليم، عن ابن خيثمة، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: لما رجعت مهاجرة الحبشة، فقال فتية منهم: يارسول الله بينما نحن جلوس إذ مرت بنا عجوز من عجائزهم، تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها، فخرت على ركبتيها، وانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه، وقالت: سوف تعلم يا غدر، إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين، والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا، قال: يقول رسول الله ﷺ: صدقت كيف يقدس الله قوم لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم، وقد تقدم في حديث عبد الله بن أنيس: أن الله تعالى ينادي العباد يوم القيامة، فيقول: أنا الملك الديان، ولا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده مظلمة، ولا لأحد من أهل النار أن يدخل النار ولأحد من أهل الجنة عنده مظلمة حتى أقضيها منه، حتى اللطمة. رواه أحمد، وعلقه البخاري في صحيحه.

وقال الإمام مالك رضي الله عنه، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "من كانت له مظلمة عند أخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار، ولا درهم من قبل أن يؤخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه"، ورواه البخاري، ومسلم.

وروي ابن أبي الدنيا من حديث العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: "أتدرون من المفلس؟ قالوا: من لا درهم له ولا دينار فقال: بل المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة ويأتي قد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيقتضي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته من قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم، فطرحت عليه، ثم طرح في النار".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا الوليد بن شجاع اليشكري، أنبأنا القاسم بن مالك المزني، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تموتن وعليك دين، فإنه ليس ثم دينار، ولا درهم، إنما هي الحسنات جزاء بجزاء، ولا يظلم ربك أحدا"، وروي من وجهين آخرين، عن ابن عمر مرفوعا مثله.
الاقتصاص من الظالمين يوم القيامة

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا ابن أبي شيبة، أخبرنا بكر بن يونس بن بكير، عن موسى بن علي بن رباح، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: "إنه ليأتي العبد يوم القيامة وقد سرته حسناته، فيجيء الرجل فيقول: يا رب ظلمني هذا، فيؤخذ من حسنانه، فيجعل في حسنات الذي سأله، فما يزال كذلك حتى ما يبقى له حسنة، فإذا جاء من يسأله نظر إلى سيئاته فجعلت مع سيئات الرجل، فلا يزال يستوفي منه حتى يدخل النار".
الشرك بالله لا يغفر ومظالم العباد يقتص بها حتما يوم القيامة

وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا صدقة بن موسى، حدثنا أبو عمران الجوني، عن يزيد بن ناموس، عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: "الدواوين عند الله ثلاثة: ديوان لا يعبأ الله به شيئا، وديوان لا يترك الله منه شيئا، وديوان لا يغفره الله، فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك". قال الله تعالى: "إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة". وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا، فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه، من صوم يوم تركه، أو صلاة تركها، فإن الله يغفر ذلك، ويتجاوز إن شاء الله، وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا، فظلم العباد بعضهم بعضا، القصاص لا محالة".

وروى البيهقي من طريق زائدة، عن أبي الزناد، عن زياد النميري، عن أنس، مرفوعا: الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفره الله، وهو الشرك، وظلم يغفره، وهو ظلم العباد فيما بينهم، وبين ربهم، وظلم لا يترك الله منه شيئا وهو ظلم العباد بعضهم بعضا، حتى يدين بعضهم من بعض، ثم ساقه من طريق يزيد الرقاش، عن أنس، مرفوعا بنحوه، وكلا الطريقين ضعيف.
القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الأمانة

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا أبو عبد الله تميم بن المنتصر، أخبرنا إسحاق بن يوسف، عن شريك، عن الأعمش، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود عن النبي ﷺ قال: "القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الأمانة قال: يؤتى بصاحب الأمانة فيقال له: أد أمانتك، فيقول: أنى يا رب وقد ذهبت الدنيا؟ فيقال: اذهبوا به إلى الهاوية، فيذهب به إليها، فيهوي، حتى ينتهي إلى قعرها، فيجدها هناك كهيئتها فيحملها، فيضعها على عاتقه، فيصعد بها في نار جهنم، حتى إذا رأى أنه قد خرج، زلت، فهوت فهوى في أثرها أبد الأبدين". قال: والأمانة في الصلاة، والأمانة في الصوم، والأمانة في الوضوء، والأمانة في الحديث، وأشد ذلك الودائع، قال: فلقيت البراء فقلت: ألا تسمع إلى ما يقول أخوك عبد الله؟ قال: صدق.

قال شريك: وحدثنا عباد العامري، عن زاذان، عن عبد الله، عن النبي ﷺ بمثله، ولم يذكر الأمانة في الصلاة، والأمانة في كل شيء، إسناده جيد... ولم يروه أحمد ولا من الستة أحد.

وله شاهد من الحديث الذي رواه مسلم ، عن أبي سعيد: "أن رجلا قال: يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله، صابرا، محتسبا، مقبلا، غير مدبر، أيكفر الله عني خطاياي؟ قال: نعم إلا الدين".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا محمد بن عبيد، أخبرنا محمد بن عمر، عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب، عن عبد الله بن الزبير قال لما نزلت: "إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون". قال الزبير: يا رسول الله أيكرر علينا ما يكون بيننا في الدنيا من خواص الذنوب؟ قال: نعم، ليكررن عليكم، حتى تؤدوا إلى كل ذي حق حقه، فقال الزبير: والله إن الأمر لشديد.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا إسحاق بن سليمان، أخبرنا أبو سنان، عن عبد الله بن السائب، عن زاذان، عن عبد الله بن مسعود قال: الأمم جاثون للحساب، فهم يومئذ أشد تعلقا بعضهم ببعض منهم في الدنيا، الأب بابنه، والابن بأبيه، والأخت بأختها، والزوج بامرأته، والمرأة بزوجها، ثم تلا عبد الله: "فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون".

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا الفضل بن يعقوب، حدثنا عبيد بن مسلمة، عن ليث، عن نافع، عن عمر، عن النبي ﷺ قال: "يؤتى بالمليك والمملوك، والزوج والزوجة، فيحاسب المليك والمملوك والزوج والزوجة، حتى يقال خطبت فلانة مع خطاب، فزوجتكها وتركتهم".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني عمرو بن حيان مولى بني تميم، حدثنا عبدة بن حميد، عن إبراهيم ابن مسلم، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله يدعو العبد يوم القيامة، فيذكره ويعد دعوتني يوم كذا وكذا حتى يعد عليه فيما بعد، وقلت زوجني فلانة ويسميها باسمها فزوجناكها".

وروى من حديث ليث بن سليم، عن أبي برذة، عن عبد الله بن سلام، مرفوعا بنحوه.

وقال ابن أبي الدنيا: أخبرنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا عبد الوهاب بن عطاء، حدثني الفضل بن عيسى، حدثنا محمد بن المنكدر، عن جابر قال: قال رسول الله ﷺ: "إن العار ليلزم العبد يوم القيامة حتى يقول: لإرسالك بي الى النار، أيسر علي مما ألقى، والله إنه ليعلم ما فيها من شدة العذاب".
يسأل العبد عن النعيم يوم القيامة

قال تعالى: "ثم لتسألن يومئذ عن النعيم".

وفي الصحيح، أن رسول الله ﷺ لما أكل هو وأصحابه في حديقة أبي الهيثم بن المنهال من تلك الشاة التي ذبحت له، وأكلوا من الرطب، وشربوا من ذلك الماء، قال: "هذا من النعيم الذي تسألون عنه" أي عن القيام بشكره، وماذا عملتم في مقابلة ذلك.

كما ورد في الحديت: "آدموا طعامكم بذكر الله وبالصلاة، ولا تناموا عليه فتقسوا قلوبكم".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا يوسف بن موسى، أخبرنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن ثابت، أن رجلا دخل مسجد دمشق، فقال: اللهم آنس وحشتي، وارحم غربتي، وارزقني جليسا صالحا، فسمعه أبو الدرداء فقال: لئن قلت صادقا لأنا أسعد بما قلت منك، سمعت رسول الله ﷺ يقول: "فمنهم ظالم لنفسه قال: الظالم الذي يؤخذ منه في مقامه ذلك، وذلك الحزن والغم، ومنهم مقتصد، يحاسب حسابا يسيرا، ومنهم سابق بالخيرات قال: يدخل الجنة بغير حساب" وستأتي الأحاديث فيمن يدخل بغير حساب وكم عدتهم.

حديث فيه أن الله تعالى يصالح عن عبده الذي له عناية ممن ظلمه، بما يريه من قصور الجنة ونعيمها

قال أبو يعلى: حدثنا مجاهد بن موسى، حدثنا عبد الله بن بكير، حدثنا عباد الحنطي، عن سعيد بن أنس، عن أنس قال: بينا رسول الله ﷺ جالس، إذ رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه، فقال عمر. ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي. فقال: رجلان من أمتي، جثوا بين يدي الله عز وجل، رب العزة، تبارك وتعالى، فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي. قال الله تعالى: أعط أخاك مظلمته، قال: يارب لم يبق من حسناتي شيء. قال الله تعالى للطالب: كيف تصنع بأخيك لم يبق من حسناته شيء. قال: يا رب فليحمل عني من أوزاري. قال. وفاضت عينا رسول الله ﷺ بالبكاء، ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى أن يتحمل عنهم من أوزارهم، فقال الله للطالب: ارفع بصرك فانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يا رب أرى مدائن من فضة، وقصورا من ذهب، مكللة باللؤلؤ، لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى الثمن، قال. يا رب ومن يملك ذلك؟ قال: أنت تملكه. قال: ماذا يا رب؟ قال: تعفو عن أخيك. قال: يا رب فإني قد عفوت عنه. قال الله تعالى: خذ بيد أخيك، فأدخله الجنة، قال رسول الله ﷺ عند ذلك: "فإن الله يصالح بين المؤمنين يوم القيامة".

إسناد غريب، وسياق غريب، ومعنى حسن عجيب، وقد رواه البيهقي من حديث عبد الله بن أبي بكر به.

وحكى البخاري أنه قال: حديث سعيد بن أنس، عن أبيه في المظالم، لا يتابع عليه، ثم أورده البيهقي من طريق زياد بن ميمون البصري، عن أنس مرفوعا بنحوه، وفيه نظر أيضا.

وقد يستشهد له بما رواه البخاري في صحيحه، من أن رسول الله ﷺ قال: "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله".

وقد روى أبو داود الطيالسي، عن عبد القاهر بن السري، ورواه أبو داود، وابن ماجه، والبيهقي، من حديثه عن ابن لكنانة بن العباس بن مرداس، عن أبيه، عن جده عباس بن مرداس، أن رسول الله ﷺ دعا عشية عرفة لأمته بالمغفرة والرحمة، فأكثر الدعاء، فأ اجابه الله: إني قد فعلت، إلا ظلم بعضهم بعضا، فقال: يا رب، إنك قادر أن تثبت لمظلوم خيرا من ظلمه، وتغفر لهذا الظالم، فلم يجبه تلك العشية، فلما كان غداة المزدلفة، أعاد الدعاء، فأجابه الله: إني قد غفرت لهم، فتبسم رسول الله ﷺ، فقال له بعض أصحابه: يا رسول الله صلى الله عليك: "تبسمت في ساعة لم تكن تبسم فيها؟ فقال: تبسمت من عدو الله إبليس، إنه لما علم أن الله استجاب لي في أمتي، أهوى يدعو بالويل، والثبور، ويحثو التراب على رأسه".

قال البيهقي: وهذا الغفران يحتمل أن يكون بعد عذاب يمسهم، ويحتمل أن يكون خاصا ببعض الناس، ويحتمل أن يكون عاما في كل أحد.

وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا صدقة بن موسى، حدثنا أبو عمران الجوني، عن قيس بن زيد أو زيد بن قيس، عن قاضي المصرين شريح، عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، أن رسول الله ﷺ قال: "إن الله يدعو صاحب الدين يوم القيامة، فيقول: يا ابن آدم: فيم أضعت حقوق الناس؟ فيم اذهبت أموالهم؟ فيقول: يا رب لم أفسد، ولكنني أصبت، فيقول: أنا أحق من قضى عنك اليوم، فتربح حسناته على سيئاته فيؤمر إلى الجنة".

وثبت في صحيح مسلم، عن أبي ذر، عن النبي ﷺ في الرجل الذي يقول الله تعالى: أعرضوا عليه صغار ذنوبه، واتركوا كبارها، فيقال له: هل تنكر من هذا شيئا؟ فيقول: لا، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه، فيقول الله تعالى: إنا قد بدلناك مكان كل سيئة حسنة فأقول: يا رب إني قد عملت ذنوبا لا أراها هنا؟ قال: وضحك رسول الله ﷺ حتى بدت نواجذه.

وتقدم في حديث عبد الله بن عمر في حديث النجوى: يدني الله العبد يوم القيامة، حتى يضع عليه كنفه ويقرره بذنوبه، حتى إذا ظن أنه قد هلك، قال سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم، ويعطي كبار حسناته بيمينه.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا هارون بن عبد الله: حدثنا سيار بن حاتم، أخبرنا جعفر بن سليمان، أخبرنا أبو عمران الجوني، عن أبي هريرة قال: "يدني الله العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، فيمر بالحسنة فيسر بها قبله، فيقول الله تعالى له: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم، يا رب أعرف، فيقول: إني قد تقبلتها. قال: فيخر ساجدا قال: فيقول ارفع رأسك، وعد إلى كتابك، فيمر بالسيئة فيسود لها وجهه، ويحزن بها قلبه، وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعلمه غيره، فيقول الله تعالى: أتعرف يا عبدي؟ فيقول: نعم يا رب أعرف، فيقول فإني قد غفرتها لك، فلا يزال بين حسنة تقبل فيسجد، وسيئة تغفر فيسجد، لا يرى الخلائق منه إلا ذاك السجود، حتى ينادي الخلائق بعضها بعضا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص الله قط ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين الله تعالى مما قد وقف عليه".

وقال ابن أبي الدنيا، وقال ابن أبي ياسر، عمار بن نصر: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة أو غيره قال: من أوتي كتابه بيمينه أتى بكتاب في باطنه سيئاته، وظاهره حسناته، فيقال له: إقرأ كتابك فيقرأ باطنه فيساء بما فيه من سيئاته، حتى إذا أتى على آخرها قرأ فيه: هذه سيئاتك، وقد سترتها عليك في الدنيا، وغفرتها لك اليوم، ويغبطه الأشهاد، أو قال أهل الجمع، بما يقرأون في ظاهر كتابه من حسناته، ويقولون: سعد هذا، ثم يؤمر بتحويله وقراءة ما في ظاهره، فيحول الله ما كان في باطنه من سيئاته، فيجعلها الله حسنات، ويقرأ حسناته، حتى يأتي على آخرها، ثم يقول: هذه حسناتك، وقد قبلتها، فعند ذلك يقول لأهل الجمع: "هاؤم اقرءوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه".

قال: ومن أوتي كتابه وراء ظهره، يأخذه بشماله، يقال له: اقرأ كتابك، فيقرأ كتابه، في باطنه حسناته، وفي ظاهره سيئاته، فيقرؤه أهل الجمع، ويقولون: هلك هذا، فإذا أتى على آخر حسناته، قيل: هذه حسناتك، وقد رددتها عليك، ويؤمر بتحويله، ويقرأ سيئاته حتى يأتي على آخرها، فعند ذلك يقول لأهل الجمع: "يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا علي بن الجعد، حدثنا المبارك بن فضالة، عن الحسن، قال: قال رسول الله ﷺ: "يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج والبذج ولد الشاة، فيقول له ربه: أين ما خولتك؟ أين ما ملكتك؟ أين ما أعطيتك؟ فيقول: يا رب جمعته وثمرته، وتركته أكثر ما يكون فيقول: ما قدمت فيه؟ فينظر فلا يرى قدم شيئا، فليس يراجع الله بعده".

وحدثني حمزة بن العباس، أنبأنا عبد الله بن عثمان، حدثنا ابن المبارك، حدثنا إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، وقتادة، عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ بنحوه، وزاد فيه فيقول: يا رب ارجعني آتك به كله، فإذا أعيد لم يقدم شيئا فيمضي به إلى النار، ثم ساقه من طريق يزيد الرقاشي، عن أنس عن النبي ﷺ بنحوه، وقد قال الله تعالى: "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم".

وفي الصحيح لمسلم: أن رسول الله ﷺ قال: يقول ابن آدم: مالي، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست، فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس، وقال الله تعالى: "يقول أهلكت مالا لبدا أيحسب أن لم يره أحد".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا شريح بن يونس، حدثنا سيف بن محمد، ابن أخت سفيان الثوري، عن ليث بن أبي سليم، عن عدي بن عدي، عن الصنابحي، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله ﷺ: "لا تزول قدما العبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره، فيم أفناه؟ وعن جسده، فيم أبلاه؟ وعن علمه، ما عمل فيه؟ وعن ماله، من أين اكتسبه، وفيم أنفقه؟ وقد تقدم عن ابن مسعود نحوه. وروي عن أبي ذر قريب منه، والله أعلم.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا سريج بن يونس، حدثنا الوليد بن مسلم، عن المنصور بن عتيق عن مكحول، قال: قال رسول الله ﷺ: "يا غريم يا أبا الدرداء، كيف بك إذا قيل لك يوم القيامة: علمت أو جهلت؟ فإن قلت: علمت فيقول: ماذا عملت فيما علمت؟ وإن قلت: جهلت، قيل: فماذا كان عذرك فيما جهلت؟ ألا تعلمت". وقد روي من وجه آخر موقوف على أبي الدرداء فالله أعلم.
فصل قال البخاري رحمه الله باب يدعى الناس بآبائهم

ثم أورد حديث عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: "يرفع لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان".

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا علي بن الجعد، ومحمد بن بكار، قالا. حدثنا هشيم، عن داود بن عمرو، وعن عبد الله بن أبي زكريا، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله ﷺ: "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فحسنوا أسماءكم".

وقال البزار: حدثنا علي بن المنذر، حدثنا محمد بن فضيل، حدثني أبي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، قال: قال النبي ﷺ: "تلقى الأرض أفلاذ كبدها، فيمر السارق، فيقول: في هذا قطعت يدي، ويجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت، ويجيء القاطع الرحم، فيقول: في هذا قطعت رحمي ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيا".
فصل قال الله تعالى يوم تبيض وجوه

قال الله تعالى: "يوم تبيض وجوه، وتسود وجوه، فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون".

وقال تعالى: "وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة".

وقال تعالى: "وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئد عليها غبرة قي ترهقها قترة أولئك هم الكفرة الفجرة".

وقال تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم، كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون".

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن معمر، ومحمد بن عثمان، ابن كرامة، قالا: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن السدي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ في قوله تعالى: "يوم ندعو كل أناس بإمامهم، فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا".

قال: يدعى آخرهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسده، ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من لؤلؤ، يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه، فيرونه من بعيد، فيقولون: اللهم ائتنا بهذا، وبارك لنا في هذا، فيأتيهم، فيقول: أبشروا، فإن لكل رجل منكم مثل هذا، وأما الكافر فيسود وجهه، ويمد له في جسمه، فيراه أصحابه، فيقولون: نعوذ بالله من هذا، من شر هذا، اللهم لا تأتنا به، فيأتيهم، فيقولون: اللهم أخزه، فيقول: أبعدكم الله، فإن لكل رجل منكم مثل هذا، ثم قال: لا نعرفه إلا بهذا الإسناد، ورواه أبو بكر بن أبي الدنيا، عن العباس بن محمد، بن عبيد الله، بن موسى، العبسي به.

وروى ابن أبي الدنيا: عن بعض السلف، وهو الحسن البصري، أنه قال: إذا قال الله تعالى للعبد: خذوه فغلوه، ابتدره سبعون ألف ملك، فتسلسل السلسلة من فيه، فتخرج من دبره، وينظم في سلسلة كما ينظم الخرز في الخيط، ويغمس في النار، غمسة، فيخرج عظاما، فيقع، ثم تسجر تلك العظام في النار، ثم يعاد غضا طريا.

وقال بعضهم: إذا قال الله: خذوه، ابتدره أكثر من ربيعة ومضر، وعن معتمر بن سليمان، عنأبيه، أنه قال: لا يبقى شيء إلا ذمه، فيقول: ما ترحمني؟ فيقول: كيف أرحمك، ولم يرحمك أرحم الراحمين؟!

فصل

قال ابن ماجه في كتاب الرقائق من سننه: ما يرجى من رحمة الله تعالى يوم القيامة

حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا هارون، حدثنا عبد الملك بن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "إن لله مائة رحمة، أنزل منها واحدة بين جميع الخلق، فبها يتراحمون وبها تعطف الوحوش على أولادها، وأخر تسعة وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة".

ورواه مسلم: عن محمد بن عبد الله بن نمير، عن أبيه، عن عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء ابن أبي رباح، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ بنحوه.

وقال البخاري: حدثنا قتيبة بن سعيد، عن أبى هريرة، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن الله خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعة وتسعين رحمة، وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة، فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة، ولو يعلم المؤمن بكل الذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار". انفرد به البخاري عن هذا الوجه.

ثم قال ابن ماجه: حدثنا أبو كريب، وأحمد بن سنان، قالا: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ "خلق الله عز وجل يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة، فجعل في الأرض منها رحمة، فبها تعطف الوالدة على ولدها، والبهائم بعضها على بعض، والطير، وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة"، انفرد به، وهو على شرط الصحيحين، وورد من طرق عن أبي هريرة: أن الله كتب كتابا يوم خلق السموات والأرض: إن رحمتي تغلب غضبي، وفي رواية سبقت غضبي، وفي رواية: فهو موضوع عنده فوق العرش.

وقد قال الله تعالى: "كتب ربكم على نفسه الرحمة".

وقال: "ورحمتي وسعت كل شيء فسسأكتبها للذين يتقون، ويؤتون الزكاة، والذين هم بآياتنا. يؤمنون".

ثم أورد ابن ماجه حديث ابن أبي مليكة، عن معاذ: أتدري ما حق الله على عباده؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، ثم قال. أتدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم، وهو ثابت في صحيح البخاري، من طريق الأسود بن هلال، وأنس بن مالك، عن معاذ.

وقال ابن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحباب، حدثنا سهيل بن عبد الله أخو حزم القطيعي، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، أن رسول الله ﷺ تلا هذه الآية: "هو أهل التقوى وأهل المغفرة".

ثم قال الله تعالى: "أنا أهل أن أتقى، فلا يجعل معي إله آخر، فمن اتقى أن يجعل معي إلها آخر فأنا أهل أن أغفر له".

ثم قال ابن ماجه: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا إبراهيم بن أعين، حدثنا اسماعيل بن يحيى الشيباني، عن عبد الله بن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر، قال: "كنا مع النبي ﷺ في بعض غزواته فمر بقوم، فقال: من القوم؟ فقالوا: نحن المسلمون: وامرأة تحصب تنورها، ومعها ابن لها، فإذا ارتفع وهج التنور نجت به، فأتت النبي ﷺ فقالت: أنت رسول الله؟ قال: نعم: قالت: بأبي أنت وأمي، أليس الله بأرحم الراحمين؟ قال: بلى. قالت: أو ليس الله أرحم بعباده من الأم بولدها. قال: بلى. فأتى بأطباق الجوز والسكر، فنثر، فجعل يخاطفهم، ويخاطفونه". والحديث بتمامه وهو غريب جدا.

طريق أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه

قال البخاري: وقال أحمد بن شبيب بن سعيد الحنطي، حدثنا أبي، عن يونس، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أنه كان يحدث أن رسول الله ﷺ قال: "يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي، فيجعلون عن الحوض، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا تعلم ما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى".

قال شعيب: عن الزهري، كان أبو هريرة يحدث عن النبي ﷺ "فيحملون" وقال عقيل: "فيجلون" وقال الزبيدي: عن أبي هريرة، عن محمد بن علي، عن عبد الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ، وهذا كله تعليق ولم أر أحدا أسنده بشيء من هذا الوجه، عن أبي هريرة، إلا أن البخاري قال بعد هذا: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، أنه كان يحدث: فيجلون عنه: فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أجدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني يعقوب بن عبيد وغيره: عن سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن كلثوم إمام مسجد قشير، عن الفضل بن عيسى، عن محمد بن المنكدر، عن أبي هريرة، قال: كأني بكم صادرين عن الحوض، يلقى الرجل الرجل، فيقول: أشربت؟ فيقول: نعم، ويلقى الرجل الرجل فيقول: أشربت؟ فيقولا: لا، واعطشاه.

رواية أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

قال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، عن نافع، عن ابن عمر، حدثني ابن أبي مليكة، عن أسماء بنت أبي بكر الصديق، قالت: قال النبي ﷺ: "إني على الحوض، حتى أنظر من يرد منكم علي، وسيؤخذ أناس دوني، فأقول: يا رب، هؤلاء مني ومن أمتي؟ فيقال: هل شعرت بما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم". فكان ابن أبي مليكة يقول: اللهم إنا نعوذ بك.

قال رسول الله ﷺ: "إن الأم لا تلقي ولدها في النار، فأكب رسول ﷺ يبكي ثم رفع رأسه إلينا، فقال: إن الله عز وجل لا يعذب من عباده إلا المارد المتمرد، الذي يتمرد على الله، ويأبى أن يقول لا إله الله". إسناده فيه ضعف، وسياقه فيه غرابة.

وقد قال تعالى: "لا يصلاها إلا الأشقى، الذي كذب وتولى" الليل. وقال: "فلا صدق ولا صلى، ولكن كذب وتولى" القيامة.
الله عز وجل أرحم بعباده من المرضعة بوليدها

وقد قال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان، حدثني زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قدم على النبي ﷺ سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها، تسعى، فإذا وجدت صبيا في السبي أخذته، فأرضعته، فقال النبي ﷺ: " أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا: لا، وهي لا تقدر أن تطرحه، فقال: الله أرحم بعباده من هذه بولدها". ورواه مسلم، عن حسن الحلواني، ومحمد بن سهل بن عسكر، كلاهما عن سعيد بن أبي مريم، عن أبي غسان محمد بن مطرف به، وفي رواية: "والله لله أرحم بعباده من هذه بولدها".

ثم قال ابن ماجه: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا عمرو بن هاشم، حدثنا ابن لهيعة، عن عبد الله بن سعيد، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يدخل النار إلا شقي، قيل: يا رسول الله: ومن الشقي؟ قال: من لم يعمل لله بطاعة، ولم يترك له معصية" إسناد هذا ضعف.

وفي صحيح مسلم من حديث أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا كان يوم القيامة دفع إلى كل مسلم يهودي، أو نصراني، فيقال: هذا فكاكك من النار".

وفي رواية: "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه الى النار يهوديا أو نصرانيا" قال: فاستحلف عمر بن عبد العزيز أبا بردة بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله ﷺ قال: فحلف له، وفي رواية: لمسلم أيضا، قال رسول الله ﷺ: "يجيء ناس من المسلمين يوم القيامة بذنوب أمثال الجبال، فيغفرها الله لهم، وضعها على اليهود والنصارى".

وقال ابن ماجه: حدثنا جبارة بن المغلس، حدثنا عبد الأعلى بن أبي المساور، عن أبي بردة، عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا جمع الله الخلائق يوم القيامة أذن لأمة محمد في السجود، فيسجدون طويلا، ثم يقول: ارفعوا رؤوسكم، فقد جعلنا عدوكم فداءكم من النار".

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا سعد أبو عيدان الشيباني، عن حماد بن سليمان، عن إبراهيم، عن صلة بن زغر، عن حذيفة، قال: قال رسول الله ﷺ: "والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الفاجر في دينه، الأحمق في مغيشته، والذي نفسي بيده ليدخلن الجنة الذي قد محشته النار بذنبه، والذي نفسي بيده ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة يتطاول لها إبليس رجاء أن تصيبه ".
ذكر من يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب

قال! البخاري: حدثنا عمران بن ميسرة، حدثنا ابن فضيل، حدثنا حصين، وحدثنا أسيد بن زيد، حدثنا هشيم عن حصين قال: كنت عند سعيد بن جبير فقال: حدثني ابن عباس قال: قال النبي ﷺ: "عرضت علي الأمم، فأجد النبي يمر معه الأمة، والنبي يمر معه النفر، والنبي معه العشرة، والنبي معه الخمسة، والنبي يمر وحده، فنظرت، فإذا سواد كثير، فقال قائل: هؤلاء أمتك، وهؤلاء سبعون ألفا قدامهم، لا حساب عليهم، ولا عقاب، قلت: ولم؟ قال: كانوا لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، فقام إليه عكاشة بن محصن فقال: ادع الله أن يجعلني منهم قال: اللهم اجعله منهم: ثم قال رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم: فقال: سبقك بها عكاشة". ورواه مسلم، عن سعيد بن منصور، عن هشيم به بنحوه وهو أطول من هذا ثم أورد البخاري، ومسلم أيضا من طريق يونس، عن الزهري، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ بنحوه وقال فيه: "ثم قام رجل من الأنصار فقال: ادع الله أن يجعلني منهم: فقال: سبقك بها عكاشة"

حديث آخر

وقال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن أبي بكر، حدثنا زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ قال: "سألت ربي عز وجل، فوعدني أن يدخل من أمتي سبعين ألفا على صورة القمر ليلة البدر، فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا، فقلت: أي رب: إن لم يكن هؤلاء مهاجري أمتي؟ قال: إذا أكملهم لك من الأعراب".

قال أحمد: حدثنا يزيد إسماعيل: عن زياد المخزومي، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، أول زمرة من أمتي تدخل الجنة سبعون ألفا، لا حساب عليهم، صورة كل رجل منهم على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد ضوء كوكب من السماء، ثم هم بعد ذلك منازل".

ثم رواه أحمد عن حسن، عن ابن لهيعة، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ بنحو ما تقدم، وكذا رواه أحمد، عن ابن مهدي، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن زياد عن أبي أمامة كما سيأتي.

حديث آخر

ثم قال البخاري: حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان قال: حدثني أبو حازم، عن سهل ابن سعد، قال: قال رسول الله ﷺ: "ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا، أو سبعمائة ألف، -شك في إحداهما- متماسكين آخذا بعضهم ببعض، حتى يدخل أولهم وآخرهم الجنة، ووجوههم على ضوء القمر ليلة البدر". وقد رواه البخاري، ومسلم عن قتيبة، عن عبد العزيز بن أبي حازم، به.

حديث آخر

وقال الإمام أحمد. حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المسعودي، حدثني بكير بن الأخنس، عن رجل، عن أبي بكر الصديق قال: قال رسول الله ﷺ: "أعطيت سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، وجوههم كالقمر ليلة البدر، قلوبهم على قلب رجل واحد، فاستزدت ربي عز وجل، فزادني جمع كل واحد سبعين ألفا". وقال أبو بكر: فرأيت أن ذلك آت على أهل القرى، ومضيت فأتيت البوادي.

طريق آخر

وقال أحمد: حدثنا عبد الصمد: حدثنا حماد: عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود. "أن رسول الله ﷺ أري الأمم في النوم، فمرت عليه أمته، قال. فأعجبته كثرتهم، قد ملأوا السهل والجبل، قال. فقيل لي: إن لك مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون، فقال عكاشة بن محصن: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: اللهم اجعله منهم، فقام رجل آخر من الأنصار فقال: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال ﷺ: سبقك بها عكاشة". قال الحافظ الضياء: هذا عندي على شرط مسلم.

طريق أخرى عنه

قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق: حدثنا معمر: عن قتادة، عن الحسن، عن عمران بن حصين، عن ابن مسعود قال: أكثرنا الحديث عند رسول الله ﷺ ذات ليلة، ثم غدونا إليه فقال: "عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها، فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة، والنبي ومعه العصابة، والنبي ومعه النفر، والنبي ليس معه أحد، حتى مر على موسى، معه كبكبة من بني إسرائيل، فأعجبوني، فقلت: من هؤلاء؟ فقيل لي: هذا أخوك موسى، معه بنو إسرائيل، قال: قلت: فأين أمتي؟ فقيل لي: انظر عن يمينك، فنظرت، فإذا الظراب قد سد بوجوه الرجال، ثم قيل لي: انظر عن يسارك، فنظرت فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال، فقيل لي: أرضيت؟ فقلت: رضيت يا رب، رضيت يا رب، قال: فقيل لي: إن مع هؤلاء سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، فقال النبي ﷺ: فداء لكم أبي وأمي: إن استطعتم أن تكونوا من السبعين ألفا فافعلوا؟ فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب، فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق، فإني قد رأيت ثم ناسا يتهاوشون، فقام عكاشة بن محصن فقال: ادع الله يا رسول الله أن يجعلني من السبعين ألفا، فدعا له، فقام رجل آخر فقال: ادع الله يا رسول الله ﷺ أن يجعلني منهم، فقال: قد سبقك بها عكاشة" قال: ثم تحدثنا فقلنا. من ترون هؤلاء السبعين ألفا؟ فقيل: قوم ولدوا في الإسلام، لم يشركوا بالله شيئا، حتى ماتوا: فبلغ ذلك النبي ﷺ فقال: "هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون".

حديث آخر

قال الطبراني: حدثنا محمد بن محمد الجذوعي: حدثنا عقبة بن مكرم، حدثنا محمد بن أبي عدي، عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب، ولا عذاب، قيل: من هم يا رسول! الله. قال: هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون".

رواه مسلم عن يحيى بن خلف، عن المعتمر بن سليمان، عن هشام بن حسان، من غير ذكر عكاشة، وليس عنده في هذه الرواية يتطيرون، قال الحافظ الضياء: وقد روي عن عمران من غير طريق.

حديث آخر

قال أحمد: حدثنا روح بن عبادة، حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، سصر جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله ﷺ فذكر حديثا وفيه: "فينجو أول زمرة، وجوههم كالقمر ليلة البدر، سبعون ألفا، لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم، كأضواء نجم في السماء ثم كذلك " وذكر بقيته.

ورواه مسلم من حديث روح فلم يرفعه، وقد روى البزار، عن عمر بن إسماعيل، عن مجالد، عن أبيه، عن جده، عن الشعبي، عن جابر بن عبد الله عن النبي ﷺ نحو الذي قبله سواء.

حديث آخر

قال البزار: حدثنا محمد بن مرداس، حدثنا مبارك، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، عن النبي ﷺ، أنه قال: "سبعون ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب، هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ".

طريق آخر

قال البزار: حدثنا محمد بن عبد الملك، حدثنا أبو عاصم العيلاني، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا، مع كل واحد من السبعين سبعون ألفا" وهذا يحتمل أن يكون مع كل واحد من الألوف، ويحتمل أن يكون مع كل واحد من الآحاد، وهو أشمل وأكثر.

وقد قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر: عن قتادة، عن أنس أو عن النضر بن أنس، عن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف، فقال أبو بكر رضي الله عنه: زدنا رسول الله قال: وهكذا -وجمع كفيه- فقال: زدنا يا رسول الله قال: وهكذا. فقال عمر: حسبك يا أبا بكر. فقال أبو بكر: دعني يا عمر، وما عليك أن يدخلنا الله الجنة كلنا؟ فقال عمر: إن شاء أدخل خلقه الجنة برحمته بكف واحد". فقال النبي ﷺ "صدق عمر".

طريق أخرى عن أنس رضي الله عنه

قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا عبد القاهر بن السري، حدثنا حميد، عن أنس، عن النبي ﷺ قال: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا، قالوا: زدنا- وكان على كثيب- فحثا بيده، قالوا: زدنا يا رسول الله: فقال: هكذا، وحثا بيده، قالوا: يا نبي الله: أبعد الله من دخل النار بعد هذا".

قال الحافظ الضياء: لا أعلمه روي عن أنس إلا بهذا الإسناد، وقد سئل ابن معين عن عبد القاص فقال: صالح.

حديث آخر غريب

قال الطبراني: حدثنا محمد بن صالح بن الوليد النرسي ومحمد بن يحيى بن مندة الأصبهاني قالا: حدثنا أبو حفص عمر بن علي، حدثنا معاذ بن هشام، حدثني أبي، عن قتادة، عن أبي بكر بن أنس، عن أبي بكر بن عمير، عن أبيه، عن النبي ﷺ قال: "إن الله وعدني أن يدخل من أمتي ثلاثمائة ألف الجنة، فقال عمير: يا رسول الله: زدنا. فقال: هكذا بيده، فقال عمير: يا رسول الله: زدنا. فقال عمر: حسبك يا عمير، فقال عمير: ما لنا ولك يا ابن الخطاب؟ وما عليك أن يدخلنا الله الجنة؟ فقال عمر: إن شاء الله أدخل الناس الجنة بحثية واحدة، فقال رسول الله ﷺ: "صدق عمر".

قال الحافظ الضياء: لا أعرف لعمير حديثا غيره.

حديث آخر غريب

قال البزار: حدثنا محمود بن بكر، حدثنا أبي، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم، فقام عكاشة فقال: يا رسول الله: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: اللهم اجعله منهم، فقال رجل آخر: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: اللهم اجعله منهم، فسكت القوم، ثم قال بعضهم لبعض: لو قلنا يا رسول الله ﷺ ادع الله أن يجعلنا منهم. فقال ﷺ: سبقكم بها عكاشة وصاحبه، أما إنكم لو قلتم لقلت، ولو قلت لوجبت ".

حديث آخر

قال أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا إسماعيل بن عباس، سمعت محمد بن زياد يحدث عن أبي أمامة الباهلي. عن النبي ﷺ، وقال الطبراني: حدثنا أحمد بن علي الدمشقي والحسين بن إسحاق التستري قالا: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا أبي إسماعيل بن عياش، أخبر محمد بن زياد، سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، لا حساب عليهم، ولا عتاب، وثلاث حثيات من حثيات ربي عز وجل". واللفظ لابن أبي شيبة، وليس عند الطبراني مع كل ألف سبعون ألفا.

طريق أخرى عنه

قال أبو بكر بن أبي عاصم. حدثنا دحيم، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا صفوان بن عمرو، عن سليم بن عامر، عن أبي اليمان الهوزني، عن أبي أمامة، عن رسول الله ﷺ قال: "إن الله وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب".

قال أبو يزيد بن الأخنس: والله ما أولئك في أمتك يا رسول الله ﷺ إلا مثل الذباب الأصهب في الذباب، فقال رسول الله ﷺ: "فإن الله قد وعدني سبعين ألفا، مع كل ألف سبعون ألفا، وزادني ثلاث حثيات ".

قال الضياء: رجاله رجال الصحيح إلا الهوزني، واسمه عامر بن عبد الله بن لحي، وما علمت فيه جرحا.

حديث آخر

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن خليد، حدثنا أبو توبة، حدثنا محمد بن سلام، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عامر بن يزيد البكالي: أن سمع عقبة بن عبد السلمي قال: قال رسول الله ﷺ: "إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، مع كل ألف سبعون ألفا، وزادني ثلاث حثيات، فكبر عمر، وقال: إن السبعين الأولى يشفعهم الله في آبائهم، وأبنائهم، وعشائرهم، وأرجو أن يجعلني الله في أحد الحثيات الأواخر". قال الضياء: لا أعلم لهذا الإسناد علة، والله تعالى أعلم.

حديث آخر

قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا هشام يعني الدستوائي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، أن رفاعة الجهني حدثه قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ، حتى إذا كنا بالكديد أو قال: بقديد: فذكر حديثا قال فيه: "وعدني ربي عز وجل أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب وإني لأرجو أن يدخلها أحد من الأمم حتى تتبوأوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذراريكم مساكنكم في الجنة".

ورواه يعقوب بن سفيان: عن آدم بن أبي إياس، عن شيبان، عن يحيى بن كثير، قال الحافظ الضياء: هذا عندي على شرط الصحيح، والله تعالى أعلم.

حديث آخر أيضا

قال الطبراني: حدثنا عمرو بن إسحاق بن زريق الحمصي، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا أبي، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي أسماء الرحبي، عن ثوبان قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن ربي وعدني من أمتي سبعين ألفا لا يحاسبون، مع كل ألف سبعون ألفا".

حديث آخر

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن خليد، حدثنا أبو توبة معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عبد الله بن عامر: أن قيسا الكندي حدث: أن أبا سعيد الأنماري حدثه: أنه سمع رسول الله ﷺ قال: "إن ربي عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا بغير حساب، ويشفع كل ألف لسبعين ألفا، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه".

قال قيس: فقلت لأبي سعيد: أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ قال: نعم بأذني، ووعاه قلبي، قال أبو سعيد: فقال رسول الله ﷺ: "وذلك- إن شاء الله- يستوعب مهاجري أمتي، ويوفي الله بقيته من أعرابها ".

قال الطبراني: لم يرو عن أبي سعيد الأنماري إلا بهذا الإسناد، وقد تفرد به معاوية بن سلام، وقال الحافظ الضياء، وقد رواه محمد بن سهل بن عسكر، عن أبي ثوبة الربيع بن نافع بإسناده، قال أبو سعيد: فحسب ذلك عند رسول الله ﷺ فبلغ أربعة آلاف ألف ألف وسبعمائة ألف قال: فقال رسول الله ﷺ: "إن ذلك يستوعب- إن شاء الله- مهاجري أمتي ".

حديث آخر

قال البزار: حدثنا محمود بن بكر، حدثنا أبي، عن عيسى، عن ابن أبي يعلى، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم، فقام عكاشة: فقال: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال رجل آخر: ادع الله أن يجعلني منهم، قال: اللهم اجعله منهم، فسكت القوم، ثم قال بعض لبعض، أو قلنا: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنا منهم، قال: سبقكم بها عكاشة وصاحبه، إما أنكم لو قلتم لقلت، ولو قلت لوجبت".

حديث آخر

رواه البيهقي في كتاب البعث والنشور، من حديث الضحاك بن نبراس، حدثني ثابت بن أسلم البناني، عن أبي يزيد المديني، عن عمرو بن حزم الأنصاري، قال: تغيب عنا رسول الله ﷺ ثلاثا لا يخرج إلا لصلاة مكتوبة، ثم يرجع، فلما كان اليوم الرابع خرج إلينا، فقلنا: يا رسول الله، احتبست عنا حتى ظننا أنه قد حدث حدث؟ فقال: "إنه لم يحدث إلا خير، إن ربي وعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين الفا لا حساب عليهم، وإني سألت ربي في هذه الأيام الثلاثة المزيد، فوجدت ربي واحدا، ماجدا، كريما، أعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا، قال قلت: يا رب وتبلغ أمتي هذا. قال: أكمل لك العمد من الأعراب". الضحاك هذا قد تكلموا فيه، وقال النسائي: متروك.

حديث آخر

قال الطبراني: حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش، حدثنا أبي، حدثنا ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "أما والذي نفس محمد بيده، ليبعثن الله بكم يوم القيامة إلى الجنة مثل الليل الأسود، زمرة جميعا، يحيطون بالأرض، تقول الملائكة، لما جاء مع محمد أكثر مما جاء مع الأنبياء".
ذكر كيفية تفرق العباد عن موقف الحساب وما إليه أمرهم ففريق من الجنة وفريق من السعير

قال الله تعالى: "وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون" [مريم]

وقال تعالى: "ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون، فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون، وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون" وقال تعالى: "ويوم تقوم الساعة يومئذ يصدعون" [الروم]

قال تعالى: "ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون، وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون، هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون، فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته ذلك هو الفوز المبين، وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين، وإذا قيل إن وعد الله حق والساعة لا ريب فيها قلتم ما ندري ما الساعة إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين، وبدا لهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون، وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين، ذلكم بأنكم اتخذتم آيات الله هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون، فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين، وله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم".

وقال تعالى: "وأشرقت الأرض بنور ربها ووضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتيكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين قيل ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبرين وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء فنعم أجر العاملين وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين".

وقال تعالى: "يوم يأت لا تكلم نفسن إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ".

وقال تعالى: "يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير".

وقال تعالى: "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا".

وقال تعالى: "يوم تبيض وجوه وتسود وجوة فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون".

والآيات في هذا كثيرة جدا، لو سردناها كلها لطال الحديث جدا، فلنذكر من الأحاديث ما يناسب هذا المقام، وهي مشتملة على مقاصد كثيرة غير هذا الفصل، وسنشير إليها.

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عثمان العجلي، حدثنا أبو أسامة، عن يزيد بن مقول، عن القاسم بن الوليد في قوله تعالى: "فإذا جاءت الطامة الكبرى". قال: يساق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار.
إيراد الأحاديث في ذلك آخر أهل الجنة دخولا اليها

قال البخاري: حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، أخبرني سعيد وعطاء بن يزيد: أن أبا هريرة أخبرهما عن النبي ﷺ، وحدثني محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله ﷺ: "هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس له دونه سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله. قال: فإنكم ترونه يوم القيامة، كذلك يجمع الله الناس فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، من كان يعبد الشمس فليتبع الشمس، من كان يعبد القمر فليتبع القمر، من كان يعبد الطواغيت فليتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، حتى إذا جاء ربنا عرفناه. فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فيتبعونه، ويضرب جسر جهنم... قال رسول الله ﷺ: "فأكون أول من يمر، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم، وفيه كلاليب مثل شوك السعدان، أما رأيتم شوكة السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله، فتخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبق بعمله، ومنهم المخذول ثم ينجو، حتى إذا فرغ الله في القصاص بين عباده، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرجه. ممن كان يشهد أن لا إله الا الله، أمر الملائكة أن يخرجوهم وقد انحبسوا، فيصب ماء يقال له ماء الحياة، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار فيقول: يا رب، قد مستني ريحها، وأحرقني حرها، فاصرف وجهي عن النار، فلا يزال يدعو الله، فيقول الله: لعلك إن أعطيتك ذلك لا تسألني غيره؟ فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، فيصرف وجهه عن النار، ثم يقول بعد ذلك: يا رب قربني إلى باب الجنة، فيقول الله: أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره؟ فيقول: وعزتك لا أسألك غيره، فيعطي الله من العهود والمواثيق أن لا يسأل غيره، فيقربه إلى باب الجنة، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: رب أدخلني الجنة، فيقول: أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك؟ فيقول:. يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فلا يزال يدعو الله حتى يضحك، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها، فإذا دخل فيها قيل له: تمن من كذا، فيتمنى، ثم يقال له: تمن من كذا، فيتمنى، حتى تنقطع به الأماني، فيقال: لك هذا ومثله".

قال أبو هريرة رضي الله عنه: وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا في الجنة: قال: وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة، لا يغير عليه شيئا من حديثه، حتى انتهى إلى قوله "لك هذا ومثله" قال أبو سعيد رضي الله عنه: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ولك عشرة أمثاله"، قال أبو هريرة: ومثله معه. وهكذا رواه البخاري: من حديث إبراهيم بن سعد، عن الزهري به، وزاد فقال أبو سعيد: أشهد أني حفظت من رسول الله ﷺ قوله وله عشر أمثاله. وهذا الإثبات من أبي سعيد مقدم على ما لم يحفظه أبو هريرة، حتى ولو نفاه أبو هريرة قدمنا إثبات أبي سعيد لما معه من زيادة الثقة المقبولة، لا سيما وقد تابعه غيره من الصحابة كابن مسعود، كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى.

وقال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال، عن زيد، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا: يا رسول الله هل نرى ربنا؟ قال: "هل تضارون في رؤية الشمس إذا كانت صحوا. قلنا: لا، قال: فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم، إلا كما تضارون في رؤيتها، قال: ثم ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم، تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون. قالوا: كنا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال: كذبتم. لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا. قال: فيقال: اشربوا. فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن مريم، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، ثم يقال: ما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تستقينا، فيقال: اشربوا فيتساقطون في جهنم، حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله عز وجل، من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم؟ فقد ذهب الناس، فيقال: فارقنا ونحن أحوج إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنا ننتظر ربنا تعالى عز وجل، قال: فيأتيهم الجبار تعالى، عز وجل، في صورة غير الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا. حتى يأتينا ربنا، حتى إذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون، غير الصورة التى رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، لا يكلمه إلا الأنبياء، فيقال: هل بينكم وبينه علامة تعرفونها؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه كما قال تعالى عز وجل: "يوم يكشف عن ساق". ويسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا، ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهري جهنم، قلنا: يا رسول الله: الخيل والركاب، فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخر يسحب سحبا، فما أنتم بأشد منها شدة في الحق، قد تبين لكم من المؤمن يومئذ، يقولون للجبار: إذا رأوا أنهم قد نجوا، شافعين في إخوانهم، فيقولون: ربنا إخواننا كانوا يقاتلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوهم، ويحرم الله صورهم على النار، وبعضهم، قد غاص في النار إلى قدميه، وبعضهم قد غاص إلى أنصاف ساقيه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول الله: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا... قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرءوا إن شئتم: "إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها".

فيشفع النبيون، والملائكة، والمؤمنون، فيقول الجبار عز وجل: "بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة، فيخرج أقواما قد انحبسوا، فيلقون في نهر بأفواه الجنة، يقال له نهر الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة، وإلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان إلى الظل منها كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ، فيجعل الله في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة فيقول أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الرحمن، أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه،. ثم يقال لهم: لكم ما رأيتم، ومثله معه".

وقال مسلم: حدثنا عبيد الله بن سعيد، وإسحاق بن منصور، كلاهما عن روح، قال عبيد الله: حدثنا روح بن عبادة القيسي، حدثنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود فقال: "نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا انظر أي ذلك فوق الناس، قال: فتدعى الأمم بأوثانها، وما كانت تعبد، الأول فالأول. ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من تنتظرون؟ فيقولون: ننظر ربنا. فيقول: أنا ربكم، فيقولون: حتى ننظر إليك، فيتجلى لهم يضحك، قال: فينطلق بهم، ويتبعونه، ويعطى لكل إنسان منهم منافق أو مؤمن نورا يتبعه، وعلى جسر جهنم كلاليب، وحسك، يأخذ من شاء الله، ثم ينطفىء نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون، فينجو أول زمرة، وجوههم كالقمر ليلة البر سبعون ألفا، لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوء نجم في السماء، كذلك، ثم تحل الشفاعة، فيشفعون حتى يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة. ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء، حتى ينبتون نبات الحب في السبل، ويذهب خوفه، ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها".

وقال مسلم: حدثنا محمد بن طريف بن خليفة البجلي، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا أبو مالك الأشجعي، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وأبو مالك، عن ربعي، عن حذيفة قالا: قال رسول الله ﷺ: "يجمع الله الناس، فيقوم المؤمنون حتى تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا استفتح لنا أبواب الجنة. فيقول: هل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم؟ لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى إبراهيم خليل الله قال: فيقول إبراهيم: لست بصاحب ذلك، إنما كنت خليلا من وراء، اعمدوا إلى موسى عليه الصلاة والسلام، فيقول: لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك، فيأتون محمدا، فيقوم، ويؤذن له، وترسل الأمانة والرحمة فيقومان جنبي الصراط يمينا وشمالا، فيمر بكم كالبرق قال: قلت بأبي أنت وأمي، كيف يمر البرق؟ قال: ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين؟ ويمر كمر الريح، ثم كمر المطر، وشد الرحال، تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: رب سلم، رب سلم، حتى تعجز أعمال العباد، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا، قال: وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة، مأمورة بأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكدوس في النار، والذي نفس أبي هريرة بيده، إن قعر جهنم لسبعون خريفا".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا خيثمة، حدثنا عثمان بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عمارة القرشي، عن أبي بردة، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله ﷺ: "يحشر الله الأمم في صعيد واحد، فإذا أراد أن يصدع بين خلقه، مثل لكم قوم ما كانوا يعبدون، فيتبعونهم، حتى يقحموهم النار، ثم يأتينا ربنا ونحن في مكان رفيع فيقول: ما أنتم؟ فنقول: نحن المسلمون، فيقول: ما تنتظرون؟ فنقول: ننتظر ربنا، فيقول: هل تعرفونه إن رأيتموه؟ فيقولون نعم. فيقول: وكيف تعرفونه ولم تروه؟ فيقولون: إنه لا عدل له، فيتجلى لنا ضاحكا، فيقول: أبشروا معشر المسلمين، فإنه ليس منكم أحد إلا وقد جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا".

وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الصمد وعفان، عن حماد بن سلمة به مثله، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه، ولكن روى مسلم من حديث سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن أبي موسى الأشعري، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا".
فصل ذكر الصراط غير ما ذكر آنفا من الأحاديث الشريفة

ثم ينتهي الناس بعد مفارقتهم مكان الموقف، إلى الظلمة التي دون الصراط وهي على جسر جهنم كما تقدم عن عائشة أن رسول الله ﷺ سئل أين الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات؟ فقال: "هم في الظلمة دون الجسر".

وفي هذا الموضع يفترق المنافقون عن المؤمنين، ويتخلفون عنهم، ويسبقهم المؤمنون، ويحالبينهم وبينهم بسور يمنعهم من الوصول إليهم كما قال تعالى: "يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك هو الفوز العظيم يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ينادونهم ألم نكن معكم قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغزور فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير".

وقال تعالى: "يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم و بأيمانهم يقولون ر بنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير".

وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا محمد بن صالح بن هانىء، والحسن بن يعقوب، وإبراهيم بن عصمة. قالوا: حدثنا المزي بن خزيمة، حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي، حدثنا عبد السلام بن حرب، أخبرنا يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، حدثنا المنهال بن عمرو، عن أبي عبيدة، عن مسروق، عن عبد الله، قال: يجمع الله الناس يوم القيامة، فينادي مناد، يا أيها الناس: ألا ترضون من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وصوركم أن يولي كل إنسان منكم إلى من كان يتولى في الدنيا؟ قال: فيتمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان عزير، حتى تتمثل لهم الشجرة، والعود، والحجر، ويبقى أهل الإسلام جثوما، فيقال لهم: ما لكم لم تنطلقوا كما ينطلق الناس. فيقولون: إن لنا ربا ما رأيناه بعد. قال: فيقال: أتعرفون ر بكم إن رأيتموه. فيقولون: بيننا و بينه علامة إن رأيناه عرفناه. قالوا: وما هي؟ قالوا: يكشف عن ساق. قال: فيكشف عند ذلك عن ساق، قال: فيخر- أظنه قال- من كان يعبده ساجدا، ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر. يريدون السجود، قال: فلا يستطيعون، ثم يؤمرون، فيرفعون رؤوسهم، فيعطون نورهم على قدر أعمالهم، قال: فمنهم من يعطى نوره مثل النخلة، بيمنيه ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه، حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة، وينطفىء مرة، إذا أضاء قدم قدمه، وإذا انطفأ قام قال: فيمرون على الصراط، كحد السيف، دحض مزلة، فيقال لهم: امضوا على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكواكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كشد الرحل ويرمل رملا، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه تخريد، وتعلو يد، وتخر رجل، وتعلو رجل، وتصيب جوانبه النار، تقال: فيخلصون، فإذا خلصوا قالوا: الحمد لله الذي نجانا منك بعد أن رأيناك، لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا، قال مسروق. فما بلغ عبد الله هذا المكان من الحديت إلا ضحك، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن: لقد حدثت هذا الحديث مرارا كلما بلغت هذا المكان من الحديث ضحكت، فقال عبد الله: سمعت رسول الله ﷺ يحدثه مرارا، فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك، حتى تبدو لهاته، ويبدو آخر ضرس من أضراسه، يقول الإنسان: أتهزأ بي وأنت رب العالمين؟ فيقول: لا، ولكني على ذلك،... فضحك ابن مسعود ثم ذكره.

وقد أورده البيهقي بعد هذا من حديث حماد بن سلمة، عن عاصم، عن أبي وائل، عن ابن مسعود فذكره موقوفا، وقال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي مزاحم، حدثنا أبو سعيد المؤذن، عن زياد النميري، عن أنس بن مالك، سمعت النبي ﷺ يقول: "الصراط كحد الشعرة، وكحد السيف، وإن الملائكة تحجز المؤمنين والمؤمنات، وأن جبريل عليه الصلاة والسلام يحجزني، وإني لأقول: يا رب: سلم سلم: فالزالون والزالات يومئذ كثير".

وروى البيهقي من حديث سعيد بن زيد، عن يزيد الرقاشي، عن أنس مرفوعا نحو ما تقدم بأبسط منه، وإسناده ضعيف، ولكن يتقوى بما قبله والله أعلم.

وقال الثوري: عن حصين، عن مجاهد، عن جنادة بن أبي أمية قال: إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم، وسيماكم، وحلاكم، ونجواكم، ومجالسكم فإذا كان يوم القيامة قيل: يا فلان هذ ا نورك، يا فلان لا نور لك، وقرأ: "يسعى نورهم بين أيديهم و بأيمانهم".

وقال الضحاك: ليس أحد إلا يعطي يوم القيامة نورا، فإذا انتهوا إلى الصراط أطفىء نور المنافقين، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم، كما أطفىء نور المنافقين فقالوا: "ربنا أتمم لنا نورنا".

وقال إسحاق بن بشير أبو حذيفة، حدثني ابن جريج، عن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم، سترا منه على عباده، فأما عند الصراط فإن الله يعطي كل مؤمن نورا، وكل منافق نورا، فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين والمنافقات، فقال المنافقون والمنافقات للذين آمنوا: انظرونا نقتبس من نوركم، وقال المؤمنون: ر بنا أتمم لنا نورنا: ولا يذكر عند ذلك أحد".

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو عبيد الله بن وهب، أخبرنا عمي أبو يزيد بن أبي حبيب، عن سعيد بن مسعود، أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يحدث أنه سمع أبا الدرداء وأبا ذر يخبران، عن النبي ﷺ قال: "أنا أول من يؤذن له يوم القيامة بالسجود، وأول من يؤذن له فيرفع رأسه، فأنظر من بين يدي، ومن خلفي، وعن يميني، وعن شمالي، فأعرف أمتي من بين الأمم، فقال له رجل: يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك. قال: أعرفهم غرا محجلين من أثر الوضوء، ولا يكون لأحد من الأمم غيرهم، يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم، ووجوههم، وأعرفهم بنورهم، يسعى بين أيديهم وأيدي ذريتهم".

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبده بن سليمان، حدثنا ابن المبارك، حدثنا صفوان بن عمرو، حدثني سليم بن عامر. قال: خرجنا على جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي، فلما صلى على الجنازة، وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: أيها الناس، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر، وهو هذا- يشير إلى القبر- بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع الله، ثم تنقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، في بعض تلك المواطن يغشى الناس أمر من أمر الله، فتبيض وجوه، وتسود وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، فيعطى المؤمن نورا، ويترك الكافر والمنافق، فلا يعطيان شيئا وهو المثل الذي ضربه الله في كتابه: "ومن لم يجعل الله لة نورا فما له من نور".

لا يستضيء الكافر والمنافق، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير ويقول المنافقون للذين آمنوا: "انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا".

وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقون حيث قال: "يخادعون الله وهو خادعهم".

فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور، فلا يجدون شيئا، فيصرفون إليهم وقد: "فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب".

قالا: هو حائط بين الجنة والنار، وهو الذي قال الله تعالى فيه: "وبينهما حجاب".

وهذا هو الصحيح، وما روي عن عبد الله بن عمرو وكعب الأحبار عن كتب الإسرائيليين أنه سور بيت المقدس ضعيف جدا، فإن كان أراد المتكلم بهذا الكلام ضرب مثال وتقريبا للمغيب بالشاهد فذاك، ولعله مرادهم والله أعلم.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثني الربيع بن ثعلب، حدثنا إسماعيل بن عباس، عن المطعم بن المقدام الصنعاني وغيره، عن أحمد قال. كتب أبو الدرداء إلى سلمان: يا أخي إياك أن تجمع من الدنيا ما لا تؤدي شكره، فإني سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يجاء بصاحب الدنيا الذي أطاع الله فيها وماله بين يديه، كلما تكفأ به الصراط قال له ماله: امض، فقد أديت حق الله في؟، قال: ثم يجاء بصاحب الدنيا الذي لم يطع الله فيها، ماله بين كتفيه، كلما تكفأ به الصراط قال له ماله: ألا أديت حق الله في؟ فلا يزال كذلك حتى يدعو بالويل والثبور".

وعن عبيد بن عمير، أنه كان يقول: "أيها الناس إنه جسر مجسور، أعلاه دحض مزلة، والملائكة على جنبات الجسر يقولون: رب سلم قال: وإن الصراط مثل السيف على جسر جهنم، وإن عليه كلاليب وحسكا، والذي نفسي بيده، إنه ليؤخذ بالكلاب الواحد أكثر من ربيعة ومضر".

وعن سعيد بن أبي هلال قال: "بلغنا أن الصراط يوم القيامة وهو على الجسر يكون على بعض الناس أدق من الشعر، وعلى بعض الناس مثل الوادي الواسع" ر واه ابن أبي الدنيا.

وقال أيضا: حدثني الخليل بن عمرو، حدثنا ابن السماك، عن أبي واعظ الزاهد قال: "بلغني أن الصراط ثلاثة آلاف سنة. ألف سنة يصعد الناس عليه، وألف سنة يستوي الناس، وألف سنة يهبط الناس".

وقال أيضا، حدثنا علي بن الجعد، حدثنا شريك عن أبي قتادة، عن سالم بن أبي الجعد قال: إن جهنم ثلاثة قناطر: قنطرة عليها الأمانة، وقنطرة عليها الرحم، وقنطرة عليها الله، وهي المرصاد فمن نجا من هاتين لم ينج من هذه ثم قرأ: "إن ربك لبالمرصاد".

وقال عبيد الله بن الفراء: "يمد الصراط يوم القيامة بين الأمانة والرحم، وينادي مناد: ألا من أدى الأمانة، ووصل الرحم، فليمض آمنا غير خائف". رواه ابن أبي الدنيا.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن إدريس، حدثنا أبو ثوبة الربيع بن نافع الحلبي، حدثنا معاوية بن سلام، عن أخيه زيد بن سلام، أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني عبد الرحمن، حدثني رجل من كندة قال: دخلت على عائشة وبيني وبينها حجاب، فقلت: إن في نفسي حاجة لم أجد أحدا يشفيني منها، قالت لي: مم أنت؟ قلت: من كندة، قالت: من أي الأجناد أنت؟ قلت: من أهل حمص، قالت: ما حاجتك؟ قلت: أحدثك رسول الله ﷺ أنه يأتي عليه ساعة لا يملك لأحد شفاعة؟ قالت: نعم، لقد سألته عن هذا، وأنا وهو في شعار واحد، فقال: نعم حين يوضع الصراط، لا أملك لأحد شيئا، حتى أعلم أين يسلك بي، ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه، حتى أنظر ما يفعل بي، وعند الجسر حين يستحد ويستحر قال: وما يستحد ويستحر؟ قال: يستحد حتى يكون مثل شعرة السيف، ويستحر حتى يكون مثل الجمر، فأما المؤمن فيجتازه ولا يضره، وأما المنافق فيتعلق حتى يبلغ أوسطه حر في قدميه، فيهوي بيده إلى قدميه، قالت: هل رأيت من يسعى حافيا فتأخذه شوكة حتى تكاد تنفذ من قدميه؟ فإنه كذلك يهوي بيده ورأسه وقدميه، فيضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدمه، فيقذف به في جهنم، يهوي فيها مقدار خمسين عاما، فقلت: ما مثل الرجل؟ قالت: مثل عشر خلفات سمان، فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم، فيؤخذ بالنواصي والأقدام.

قال الله تعالى: "فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا".

أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة، أنه سيجمع بني آدم، ممن كان يطيع الشياطين في جهنم جثيا، أي جلوسا على الركب كما قال: "وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها".

وعن ابن مسعود: قياما وهم يعاينون هولها، ومكاره منظرها، وقد جزموا أنهم داخلوها لا محالة كما قال تعالى: "إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا قل أذلك خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم فيها ما يشاءون خالدين كان على ر بك وعدا مسئولا".

وقال تعالى: "لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم".

ثم أقسم الله تعالى أن الخلائق كلهم سيرون جهنم فقال تعالى: "وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا".

قال ابن مسعود: قسما واجبا. وفي الصحيحين من حديث الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "من مات له ثلاثة من الولد لم تمسه النار إلا تحلة القسم". وروى الإمام أحمد، عن حسن، عن ابن لهيعة، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ، بن أنس، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ قال: "من حرس من وراء المسلمين متطوعا، لا بأجر سلطان، لم ير النار بعينه، إلا تحلة القسم".

قال الله تعالى: "وإن منكم إلا واردها" وقد ذكر تمام الحديث، وقد اختلف المفسرون في المراد بالورود، وما هو، والأظهر كما قررناه في التفسير أنه المرور على الصراط ".

قال الله تعالى: "ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا".

وقال مجاهد: الحمى حظ كل مؤمن من النار: "وإن منكم إلا واردها".

وقد روى ابن جرير: حدثنا بشبه هذا فقال، حدثني عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا أبو المغيرة، حدثنا عبد الرحمن، عن تميم، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله ﷺ يعود رجلا من أصحابه وعكا وأنا معه ثم قال: "إن الله تعالى يقول: "هي نار أسلطها على عبدي المؤمن، لتكون حظه من النار، في الآخرة". وهذا إسناد حسن.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، عن إسرائيل، عن السدي، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود، في تفسير قول الله تعالى: "وإن منكم إلا واردها" قال: قال النبي ﷺ: "يرد الناس كلهم ثم يصدرون عنها بأعمالهم".

وهكذا رواه الترمذي من حديث إسرائيل، عن السدي به مرفوعا، ثم رواه من حديث شعبة، عن السدي، به فوقفه، وهكذا رواه أسباط عن السدي، عن مرة، عن ابن مسعود قال: "يرد الناس جميعا الصراط، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدرون عن الصراط بأعمالهم، فمنهم من يمر كمر البرق، ومنهم من يمر كأجاويد الخيل، ومنهم من يمر كأجاويد الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجل، حتى إن آخرهم مرا رجل نوره على موضع إبهامي قدميه، ثم يتكفأ به الصراط، والصراط دحضا مزلة، عليه حسك كحسك القتاد، حافتاه عليهما ملائكة، معهم كلاليب من نار، يخطفون بها الناس". وذكر تمام الحديث، وله شواهد مما مضى، ومما سيأتي إن شاء الله تعالى.

وقال سفيان الثوري: عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزهراء، عن ابن مسعود قال: يأمر الله بالصراط فيضرب على جهنم فيمر الناس عليه على قدر أعمالهم، أولهم كلمح البرق، ثم كمر الريح، ثم كأسرع البهائم كذلك، حتى يمر الرجل سعيا، حتى يمر الرجل ماشيا، ثم يكون آخرهم يتلبط على بطنه، ثم يقول: يارب: لم أبطأت بي؟ فيقول: لم أبطىء بك، إنما أبطأ بك عملك.

وروي نحوه من وجه آخر، عن ابن مسعود مرفوعا، والوقوف أصح والله أعلم، وقال الحافظ أبو نصر الوائلي في كتاب الإنانة: أخبرنا محمد بن محمد بن الحجاج، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الربعي، حدثنا علي بن الحسين أبو عبيد الله، حدثنا زكريا بن يحيى أبو السكين، حدثنا عبد الله بن صالح، حدثنا أبو همام الفرسي، عن سليمان بن المغيرة، عن قيس بن قيس بن مسلم، عن طاوس، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "علم الناس سنتي وإن كرهوا ذلك، وإن أحببت أن لا توقف على الصراط طرفة عين حتى تدخل الجنة، فلا تحدثن في دين الله حدثا برأيك". ثم قال: وهذا غريب الإسناد، والمتن حسن أورده القرطبي.

وقال الحسن بن عرفة: حدثنا مروان بن معاوية، عن بكار بن أبي مروان، عن خالد بن معدان قال: قال أهل الجنة بعد ما دخلوا الجنة: ألم يعدنا ربنا الورود على النار؟ فيقال: قد مررتم عليها وهي خامدة.

وقد ذهب آخرون إلى أن المراد بالورود الدخول، قاله ابن عباس وعبد الله بن رواحة، وأبو ميسرة، وغير واحد.

وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا غالب بن سليمان، عن كثير بن زياد البرساني، عن أبي سمية قال: اختلفنا في الورود، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضهم: يدخلونها جميعا ثم ينجي الله الذين آمنوا، فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فقال: يردونها جميعا. وقال سلمان: يدخلونها جميعا، وأهوى بإصبعه إلى أذنيه وقال: صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله ﷺ يقول: "لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمن بردا وسلاما، كما كانت على إبراهيم، حتى إن للناس ضجيجا من ورودهم، ثم تلا قول الله تعالى: "ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا".

لم يخرجوه في كتبهم، وهو حسن.

وقال أبو بكر أحمد بن سليمان النجار: حدثنا أبو الحسن محمد ابن عبيد الله بن إبراهيم بن عبدة السليطي، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشتجي، حدثنا سليم بن منصور بن عمار، حدثني منصور بن عمار، حدثني بشير بن طلحة الخزامي، عن خالد بن دريك، عن يعلى بن منبه، عن رسول الله ﷺ قال: "تقول النار للمؤمن يوم القيامة: جزيا مؤمن، فقد أطفأ نورك لهبي". وهذا حديث غريب جدا..

وقال ابن المبارك: عن سفيان، عن رجل، عن خالد بن معدان قال: قالوا ألم يعدنا ربنا أنا نرد النار؟ فيقال: إنكم مررتم عليها وهي خامدة.

وفي رواية عن خالد بن معدان: إذا دخل أهل الجنة الجنة قالوا: ألم يقل ربنا إنا نرد النار؟ فيقال: إنكم وردتموها فألفيتموها رمادا.

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية، عن الجريري، عن أبي السليل، عن غنيم بن قيس قال: ذكروا ورود النار، فقال: تمسك النار بالناس بأنها تحتف إهالة، حتى تشوى عليها أقدام الخلائق، برهم وفاجرهم، ثم يناديها مناد: أمسكي أصحابك ودعي أصحابي، قال: فيخسف بكل ولي لها والله أعلم بهم من الرجل بولده- ويخرج المؤمنين بيديه، وروى مثله عن كعب الأحبار.

وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن إدريس حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم ميسرة امرأة زيد بن حارثة قالت: كان رسول الله ﷺ في بيت حفصة، فقال: "لا يدخل النار أحد شهد بدرا، والحديبية، فقالت حفصة: أليس الله يقول: "وإن منكم إلا واردها". فتلا رسول الله ﷺ قول الله تعالى: "ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا".

ورواه أحمد أيضا، عن معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر عن أم ميسرة، عن حفصة، عن النبي ﷺ فذكر مثله، ورواه مسلم من حديث ابن جريج، عن أبي الزبير سمع عن جابر، عن أم ميسرة، فذكر نحوه وقد تقدم، وستأتي في أحاديث الشفاعة كيفية جواز المؤمنين على الصراط وتفاوت سيرهم عليه، بحسب أعمالهم، وقد تقدم أنه ﷺ أول الأنبياء إجازة بأمته على الصراط.

وعن عبد الله بن سلام: محمد ﷺ أول الرسل إجازة، ثم عيسى، ثم موسى، ثم إبراهيم، حتى يكون آخرهم إجازة نوح عليه السلام، فإذا خلص المؤمنون من الصراط تلقتهم الخزنة، يهدونهم إلى الجنة. وثبت في الصحيح: "من أنفق زوجين من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنة كلها- وللجنة ثمانية أبواب-: فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الزكاة دعي من باب الزكاة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان، فقال أبو بكر: يا رسول الله: ما على امرء يدعى من أيها شاء من ضرورة، فهل يدعى أحد منها كلها؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر..." وإذا دخلوا إلى الجنة هدوا إلى منازلهم، فهم أعرف بها من منازلهم التي كانت في الدنيا، كما سيأتي بيانه في الصحيح عند البخاري رحمه الله.

وقد قال الطبراني: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الديري، عن عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عطاء بن يسار، عن سلمان الفارسي قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يدخل الجنة إلا بجواز: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله، لفلان أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية"..

وقد رواه الحافظ الضياء من طريق سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي، أن رسول الله ﷺ قال: "يعطى المؤمن جوازا على الصراط: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من الله العزيز الحكيم، لفلان، أدخلوه جنة عالية، قطوفها دانية".

وروى الترمذي في جامعه: عن المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله ﷺ: "شعار المؤمن على الصراط: رب سلم سلم: ثم قال: غريب.

وفي صحيح مسلم: "نبيكم يقول: رب سلم سلم". وجاء: أن الأنبياء تقول ذلك، وكذلك الملائكة كلهم يقولون ذلك وثبت في صحيح البخاري من حديث قتادة، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قال: "إذا خلص المؤمنون من الصراط، حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، فاقتص لهم مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا، أذن بدخول الجنة، فلأحدهم أهدى إلى منزله في الجنة من منزله الذي كان في الدنيا".

وقد تكلم القرطبي في التذكرة على الحديث، وجعل هذه القنطرة صراطا ثانيا للمؤمنين خاصة، وليس يسقط منه أحد في النار.

قلت : هذه بعد مجاوزة النار، فقد تكون هذه القنطرة منصوبة على هول آخر، مما يعلمه الله، ولا نعلمه، وهو أعلم.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا مؤيد بن سعيد، حدثنا صالح بن موسى، عن ليث، عن عثمان، عن محمد بن أنس بن مالك، قال. قال رسول الله ﷺ: "يقول الله تعالى يوم القيامة: جوزوا النار بعفوي، وادخلوا الجنة برحمتي، واقتسموها بفضائل أعمالكم".

وهذا حديث غريب، وقد رواه أبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن قتادة. عن عبد الله من قوله مثله، وهو منقطع، بل معضل، وقد قال بعض الوعاظ فيما حكاه القرطبي في التذكرة: "توهم نفسك يا أخي إذا سرت على الصراط، ونظرت إلى جهنم تحتك سوداء مدلهمة، وقد تلظى سعيرها، وعلا لهيبها وأنت تمشي أحيانا، وتزحف أحيانا أخرى، ثم أنشد:

أبت نفسي تثوب فما احتيالي.......إذا برز العباد لذي الجلال؟

وقاموا من قبورهم حيارى........بأوزار كأمثال الجبال

وقد نصب الصراط لكي يجوزوا........فمنهم من يكب على الشمال

ومنهم من يسير لدار عدن.........تلقاه العرائس بالغزالي

يقول له المهيمن: ياوليي.........غفرت لك الذنوب فلا تبالي

قال الله تعالى: "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا".

ورد في الحديث: كما سيأتي: "أنهم يؤتون بنجائب من الجنة يركبونها". وفي الحديث: "أنهم يؤتون بها عند قيامهم من قبورهم".

وفي صحة ذلك نظر، إذ قد تقدم في حديث: "إن الناس كلهم يحشرون مشاة، ورسول الله ﷺ راكب ناقة، وبلال ينادي بالأذان بين يديه، فإذا قال: أشهد ألا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله: صدقه الأولون والآخرون".

فإذا كان هذا من خصائص رسول الله ﷺ، فإنما يكون إتيانهم بالنجائب بعد الجواز على الصراط، وهو الأشبه والله أعلم. وقد ورد في حديث الصور: "أنه يضرب لهم حياض، بعد مجاوزة الصراط، وأنهم إذا وصلوا إلى باب الجنة يستشفعون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى ثم محمد، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فيكون رسول الله ﷺ هو الشفيع لهم في ذلك".

كما ثبت في الصحيح عند مسلم، من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم، ورواه ابن الإمام أحمد عنه، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس بن مالك، عن رسول الله ﷺ أنه قال. "آتي باب الجنة، فأستفتح، فيقول خازنها: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك ". وقال مسلم: حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن المختار ابن فليفل، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: "أنا أكثر الأنبياء تبعا ليوم القيامة وأول من يقرع باب الجنة".

وفي صحيح مسلم: "يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة، فيأتون آدم فيقولون: يا أبانا اشفع لنا، فيقول لهم: أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم؟ لست بصاحب ذلك".

وذكر تمام الحديث، وهو شاهد قوي لما ذكر في حديث الصور، من ذهابهم إلى الأنبياء مرة ثانية، يستشفعون بهم إلى الله، ليستأذنوه لهم في دخولهم الجنة، ويتعين لها رسول الله ﷺ، كما تعين للشفاعة الأولى العظمى، كما تقدم. والله أعلم.

وقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد: حدثنا سويد بن سعيد قال: كنا جلوسا عند علي فقرأ هذه الآية: "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا". فقال: "والله ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم ولكن بنوق لم تر الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب، ليركبوا عليها حتى يضربوا أبواب الجنة".

ورواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وزاد بعدها: "رحائل من ذهب أين منها الزبرجد" والباقي مثله.

وقال ابن حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو غسان، حدثنا مالك إسماعيل النهدي: حدثنا مسلمة بن جعفر البجلي: سمعت أبا معاذ البصري قال: إن عليا كان يوما عند رسول الله ﷺ فقرأ علي هذه الآية: "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا". فقال: ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله؟ فقال النبي ﷺ: "والذي نفسي بيده إنهم إذ يخرجون من قبورهم يستقبلوق، أو يؤتون بنوق بيض، لها أجنحة، وعليها رحال الذهب، شراك نعالهم نور يتلألأ، كما خطوة منها مد البصر، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان، فيشربون من إحداهما، فيغسل ما في بطونهم من دنس، ويغتسلون من الأخرى، فلا تشعث أبشارهم بعدها أبدا، وتجري عليهم نضرة النعيم، فينتهون، أو فيأتون باب الجنة، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب، فيضربون باب الحلقة على الصفائح، فسمع لها طنين، بأعلى، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل، فتبعث قيمها فيفتح له، فإذا رآه خر له. قال مسلمة: أراه قال: ساجدا فيقول: ارفع رأسك؟ إنما أنا قيمك، وكلت بأمرك، فيتبعه ويقفو أثره، فيستخف الحوراء بالعجلة، فتخرج من خيام الدر والياقوت، حتى تعتنقه، ثم تقول: أنت حبي. وأنا حبك، وأنا الخالدة التي لا أموت، وأنا الناعمة التي لا أبأس، وأنا الراضية التي لا أسخط، وأنا المقيمة التي لا أظن، فيدخل بيتا من أسه إلى سقفه مائة ذراع، بناؤه على جندل اللؤلؤ، طرائقه أحمر وأخضر وأصفر، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها، وفي البيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون حشية على كل حشية سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ ساقها من وراء الحلل، يقضي جماعها في مقدار ليلة من لياليكم هذه، الأنهار من تحتهم تطرد، أنهار من ماء غير آسن قال: صاف لا كدر فيه، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، لم يخرج من ضروع الماشية، وأنهار من خمر لذة للشاربين، لم يعصرها الرجال بأقدامهم، وأنهار من عسل مصفى، لم يخرج من بطون النحل، فيستحلى الثمار، فإن شاء أكل قائما، وإن شاء متكئا ثم تلا: "ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا". فيشتهي الطعام، فيأتيه طير أبيض قال: وربما قال: أخضر، فيرفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء، ثم تطير، فيذهب، فيدخل الملك، فيقول سلام عليكم: "وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون". ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت لأهل الأرض، لصارت الشمس معها سوادا في نور"، وقد رويناه في الجعديات من كلام علي موقوفا عليه، وهو أشبه بالصحة والله أعلم.

وقال أبو القاسم البغوي: حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا زهير، عن أبي إسحاق، عن عاصم، عن علي قال: ذكر النار فعظم أمرها ذكرا لا أحفظه ثم تلا قول الله تعالى: "وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا". ثم قال: حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها، وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان، فعمدوا إلى إحداهما، كأنما أمروا بها، فشربوا منها، فأذهبت ما في بطونهم من قذى، أو أذى، أو بأس، ثم عمدوا إلى الأخرى، فتطهروا منها، فجرت عليهم نضرة النعيم، ولم تتغير أشعارهم بعدها أبدا، ولا تشعث رؤوسهم، كأنما دهنوا بالدهان، ثم إذا انتهوا إلى الجنة، فقال لهم خزنتها: "سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين". ثم يلقاهم الولدان: فيطيفون بهم كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم، يقدمون عليهم فيقولون: أبشر بما أعد الله لكم من الكرامة، ثم ينطلق غلام من تلك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين، فيقول: جاء فلان باسمه الذي كان يدعى به في الدنيا، قالت: أنت رأيته؟ قال: أنا رأيته، وهو ما رآني، فيستخف إحداهن الفرح، حتى يكون، على أسكفة الباب، فإذا انتهى إلى منزلة نظر إلى أساس بنيانه، فإذا جندل اللؤلؤ، فوقه صرح أحمر، وأخضر، وأصفر، من كل لون، ثم رفع رأسه، فنظر إلى سقفه، فإذا مثل البرق، ولولا أن الله قدره لذهب بصره، ثم طأطأ رأسه، فإذا أزواجه، وأكواب موضوعة، ونمارق مصفوفة، و زرابي مبثوثة، ثم اتكأ فقال: "الحمد الله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله". لقد جاءت رسل ربنا بالحق، ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون... ثم ينادي مناد: تحيون فلا تموتون أبدا، وتقيمون فلا تظعنون أبدا، وتصحون فلا تمرضون أبدا.

وهذا لا يقتضي تغير الشكل من الحال التي كان الناس عليهم في الدنيا، إلى طول ستين ذراعا، وعرض ستة أذرع، كما هي صفة كل من دخل الجنة، كما ورد به الحديث، يكون عند العينين اللتين يغتسلون من إحداهما، فيغسل ما في بطونهم من الأذى، ومن الأخرى، فتجري عليهم نضرة النعيم، وكلهم أنسب وأقرب مما جاء في الحديث المتقدم: "أن ذلك يكون في العرصات " لضعف إسناده.

وقد أبعد من زعم أن ذلك يكون عند المقام من القبور، لما يعارضه من الأدلة القائمة على خلاف ذلك، والله تعالى أعلم.

وقال عبد الله بن المبارك: أخبرنا سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: ذكر لنا أن الرجل اذا دخل الجنة، وصور صورة أهل الجنة، وألبس لباسهم، وحلى حليهم، وأري أزواجه وخدمه، يأخذه سوار فرح. ولو كان ينبغي أن يموت لمات من سوار فرحه، فيقال له: أرأيت سوار فرحتك هذه؟ فإنها قائمة لك أبدا"..

وقال ابن المبارك: أخبرنا رشدين بن سعد، عن زهرة، عن معد القرشي، عن أبي عبد الرحمن الجيلي قال: إن العبد أول من يدخل الجنة يتلقاه سبعون ألف خادم كأنهم اللؤلؤ.

قال ابن المبارك: وأنبأنا يحيى بن أيوب، حدثني عبد الله بن زحر، عن محمد بن أيوب، عن أبي عبد الرحمن المعافري، قال: "إنه ليصنف للرجل من أهل الجنة سماطان، لا يرى طرفاهما من غلمانه، حتى إذا مر مشوا وراءه".

وروى أبو نعيم عن مسلمة، عن الضحاك بن مزاحم، قال: "إذا دخل المؤمن الجنة، دخل أمامه ملك، فيأخذ به في سككها، فيقول له: انظر، ماذا ترى؟ فيقول: أرى أكثر القصور التي رأيتها من ذهب وفضة، فيقول الملك: إن هذا لك، حتى إذا ظهر لمن فيها، استقبلوه من كل باب، ومن كل مكان، قائلين: نحن لك، ثم يقول: امش. فيقول: ماذا ترى؟ فيقول: خيام هي أكثر خيام رأيتها عساكر، وأكثرها أنيسا، فيقول: "إن هذا أجمع لك، فإذا ظهر لمن فيها استقبلوه قائلين: نحن لك.

وقال أحمد بن أبي الحواري: عن أبي سليمان الدارني في قوله تعالى: وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا". إن الملك ليأتي بالتحفة إلى ولي الله عز وجل، فما يصل إليه إلا بإذن، فيقول لحاجبه: استأذن لي على ولي الله، فيعلم ذلك الحاجب حاجبا آخر، وحاجبا بعد حاجب، ومن داره إلى دار السلام، باب يدخل منه على ربه إذا شاء بلا إذن، ورسول رب العزة لا يدخل عليه إلا بإذن".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن خداش، حدثنا مهدي بن ميمون، عن محمد بن عبد الملك بن أبي يعقوب، عن بشر بن سعاف، قال: كنا جلوسا الى عبد الله بن سلام فقال: "إن أكرم خليقة الله على الله- سبحانه وتعالى- هو أبو القاسم ﷺ: "وإن الجنة في السماء، وإن النار في الأرض، فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة، ونبيا نبيا، ثم يوضع جسر على جهنم، ثم ينادي مناد: أين أحمد وأمته؟ فيقوم وتتبعه أمته، برها، وفاجرها، فيأخذون الجسر، ويطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها، من شمال ويمين، وينجو النبي ﷺ، والصالحون معه، وتتلقاهم الملائكة، وبناء بيوتهم ومنازلهم من الجنة على يمينك، وعلى يسارك، حتى ينتهي إلى ربه، فيلقى له كرسي من الجانب الآخر، ثم يتبعهم الأنبياء والأمم، حتى يكون آخرهم نوح عليه الصلاة والسلام". وهذا موقوف على ابن سلام رضي الله عنه.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو نصر التمار، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي قال: "يوضع الصراط يوم القيامة، وله حد كحد الموسى، فتقول الملائكة: ربنا: من تجيز على هذا؟ فيقول: من شئت من خلقي، فيقولون: ربنا: ما عبدناك حق عبادتك".
فصل ذكر بعض صفات أهل الجنة وبعض ما أعد من نعيم لهم