ج م لا

 

مدونة في وداع الله يا امي/يا الله /جاري جاري / مدونات لا شرك لا شرك /قانون الحق الالهي/نوتة الصلاة //في وداع الله يااماي/تعلم التفوق بالثانوية /السيرة النبوية /الفهرست/اللهم ارحم ابي وامي /المضبطة /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا/حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين/قانون الحق الالهي اا./قانون الحق الالهي/قانون العدل الالهي/قانون ثبات سنة الله في الخلق/كتاب الفتن علامات الساعة ويوم القيامة /مدونات لا شين/مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها /وصف الحور العين /مامي 27/المدونة التعليمية المساعدة/مدونة الاميرة اسماء صلاح التعليمية/أمي الحنون الغالية/الكشكول الأبيض2ثانوي/الأم)منهج الصف الثاني الثانوي علمي رياضة وعلوم /ثانوي {الحاسب الآلي - والمواطنة} /ثاني ثانوي لغة عربية /أمي الحنون الغالية /احياء ثاني ثانوي ترم أول /الأمراض الخطرة والوقاية منها /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /التاريخ 2ث /التجويد //الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث //الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي //الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي //الخلاصة الحثيثة في الفيزياء //الديوان الشامل لاحكام الطلاق //السيرة النبوية //الطلاق المختلف عليه//الفيزياء الثالث الثانوي روابط //اللغة الفرنسية 2ثانوي //الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول//المنهج في الطلاق //النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 //النخبة في شرعة الطلاق //الهندسة بأفرعها //بيت المعرفة العامة //ترم ثاني ثاني ثانوي علمي ورياضة وادبي.. //تفوق وانطلق للعلا //ثالثة ثانوي مدونة//ثاني ثانوي ترم اول وثاني الماني //روابط المواقع التعليمية //روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام//رياضيات بحتة وتطبيقية تاني ثانوي ترم ثاني //عبد الواحد ترم أول2ثانوي //عبدالواحد ثاني ثانوي ترم1و2.//علم المناعة //فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول//فيزياء ثاني ثانوي ترم أول //فيزياء ثاني ثانوي ترم ثاني //كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري //كتاب الزكاة //كتب ثاني ثانوي ترم1و2 //كشكول //كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني //كيمياء ثاني ثانوي ترم أول //لغة انجليزية2ث.ترم أول //مدونة الأميرة الصغيرة//أسماء صلاح التعليمية 3ث //مدونة الإختصارات //مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة/الطلاق7/5هـ//مدونة اللغة الإيطالية //مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية //مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني//مكتبة روابط ثاني ثانوي ترم اول //منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام //ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول //نهاية البداية

 

ممـــــ

برامج كتابة سيجما/الخلود ورؤية الناس /من مات لا يشرك بالله شيئا// كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول../كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...///فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم.../الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان/عرض منسق لحديث /صاحب البطاقة يوم القيامة/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) /المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب.../النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا/ من مات لا يشرك بالله شيئا /كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ.../حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا../*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية .../✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن.../مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده.../شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام /تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا.../تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط/كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني./ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ.../الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل/كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق/حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق /الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع.../شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي /جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ما هي الشفاعة ولمن تستحقفي مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء الفهرست مدونة قانون الحق الالهيسمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإيإن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل/ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالةتابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحقالشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد/برامج كتابة سيجما/الخلود ورؤية الناس /من مات لا يشرك بالله شيئا// كيف يقول الله تعالي إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ثم هو جل وعلا يقول../كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ...///فإذا تبين لنا أن الشرك مقدارا هو مادونه العدم.../الشِّيئةُ تعريف معني شيئ في كتاب الله ومعجم لسان/عرض منسق لحديث /صاحب البطاقة يوم القيامة/التعقيب علي مقال إزالة الاشكال حول معني الخلود /التعقيب علي مقال.إزالة الإشكال حول معنى (الخلود) /المحكم والمتشابه في حديث /صاحب البطاقة وأخطاء أصحاب.../النصوص الظنيَّه التي اعتمد عليها النووي في صنع شرع موازيا/ من مات لا يشرك بالله شيئا /كيف يري الناس قول الله تعالي (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَ.../حديث أبي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا../*الخلود خلودان مقولة ومصطلح مؤلف ليس من الاسلام في.../النار .. في القرآن الكريم/✿معني الخلود مجازا بنسبة قرينته وأبدا بنسبة أبدية .../✿>✿ لا خلود في لآخرة إلا بمدلول واحد هو الأبد ومن.../المأوي هو لفط دال عل الخلود في الآخرة إما إلي الجن.../مدونة قانون الحق الالهي*سنة الله الثابتة في نصر عباده.../شروط الحكم بانتهاء عقد الاسلام /تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تخريج حديث مسلم الدليل علي أن قاتل نفسه لا يكفر وا.../تحقيق حديث مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَح.../تحميل القران كلة برابط واحد الشيخ عبد الباسط/كيف يخالط الشيطان أو النفس أو الهوي إيمان المؤمني./ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَ.../الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بظل/كتاب الجامعة المانعة /نظام الطلاق في الإسلام الطلاق/حديث البطاقة (يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق /الادلة المستيقنة علي بطلان تأويلات نصوص الزجر وقطع.../شروط الشفاعة كما جاءت بكتاب الله تعالي /جديث ابي ذر من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ما هي الشفاعة ولمن تستحقفي مسار التعقيب علي النووي أسأل كل من ظاهروه٢.الإعراض عن يقين ونور المحكم من الحجج واللجوء الفهرست مدونة قانون الحق الالهيسمات النووي التي اتصف بها في معترك قلبه لنصوص الإيإن الميت علي المعصية عياذا بالله مات غير مستجيبا لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل/ إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالةتابع قانون الحق الجزء [۳] إلي بيان ما هو الحقالشواهد والطرق التي تبين صحة قول ابن الصلاح الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَد// الرواية الناقصة من حديث مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدإِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَ... أقوال النووي في المتأولات*النووي وقواعده الفجة في التأويل في كتابه: الم.نصوص الشفاعة كيف فهمها الناس وكيف تربصوا بها وحادولتوبة هي كل الاسلامفاستبدلوا اشارة الشرع الي الكلام عن ذات المؤمن بإ الشئ هو أقل مخلوق في الوجود (مثقال الذرة التوبة فرض وتكليف لا يقوم الإسلام إلا بها*التوبة هي كل الإسلامهل من قال لا اله الا الله الشواهد علي صحة من قاللماذا قالوا أن من قال لا إله إلا الله دخل الجنة فهرست مدونة قانون الحق الالهيمن قانون الحق الالهي عرض آخر لمصطلح كفر دون كفر فقد وضعوه وغالطوا فيه.الفرق بين التعامل بين المسلمين وبعضهم وبين الله وا../ .........................

.........................

دليل المدونات العلمية

مدونة في وداع الله يا امي /يا الله /جاري جاري /مدونات لا شرك لا شرك / قانون الحق الالهي /نوتة الصلاة /في وداع الله يااماي /تعلم التفوق بالثانوية /السيرة النبوية /الفهرست /اللهم ارحم ابي وامي /المضبطة /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا /حدود التعاملات العقائدية بين المسلمين /قانون الحق الالهي اا. /قانون الحق الالهي /قانون العدل الالهي /قانون ثبات سنة الله في الخلق /كتاب الفتن علامات الساعة ويوم القيامة /مدونات لا شين /مسائل صحيح مسلم وشروح النووي الخاطئة عليها /وصف الحور العين /مامي 27 . المدونة التعليمية المساعدة /مدونة الاميرة اسماء صلاح التعليمية /أمي الحنون الغالية /الكشكول الأبيض2ثانوي /(الأم)منهج الصف الثاني الثانوي علمي رياضة وعلوم / 2ثانوي {الحاسب الآلي - والمواطنة / 2ثاني ثانوي لغة عربية /أمي الحنون الغالية /احياء ثاني ثانوي ترم أول /الأمراض الخطرة والوقاية منها /البداية والنهاية للحافظ بن كثبر /التاريخ 2ث /التجويد /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /الديوان الشامل لاحكام الطلاق /السيرة النبوية /الطلاق المختلف عليه /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /اللغة الفرنسية 2ثانوي /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /المنهج في الطلاق /النخبة في مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /النخبة في شرعة الطلاق /الهندسة بأفرعها /بيت المعرفة العامة /ترم ثاني ثاني ثانوي علمي ورياضة وادبي.. /تفوق وانطلق للعلا /ثالثة ثانوي مدونة /ثاني ثانوي ترم اول وثاني الماني /روابط المواقع التعليمية /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /رياضيات بحتة وتطبيقية تاني ثانوي ترم ثاني /عبد الواحد ترم أول2ثانوي /عبدالواحد ثاني ثانوي ترم1و2. /علم المناعة /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث ترم اول /فيزياء ثاني ثانوي ترم أول /فيزياء ثاني ثانوي ترم ثاني /كتاب الرحيق المختوم للمباركفوري /كتاب الزكاة /كتب ثاني ثانوي ترم1و2 /كشكول /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني /كيمياء ثاني ثانوي ترم أول /لغة انجليزية2ث.ترم أول /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة الإختصارات /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /مدونة اللغة الإيطالية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /مكتبة روابط ثاني ثانوي ترم اول /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /نهاية البداية

الخميس، 22 أكتوبر 2020

النهاية11.




رحمة الله قريب ممن يستجير به مخلصا من حر النار وزمهريرها

وروى البيهقي: عن أبي سعيد، عن أبي حجيرة، والأكثر عن أبي هريرة، أن أحدهما حدثه: عن رسول الله ﷺ قال: "إذا كان يوم حار، ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل السماء، وأهل الأرض، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، ما أشد حر هذا اليوم؟ اللهم أجرني من حر نار جهنم. قال الله لجهنم: إن عبدا من عبادي قد استجار بي منك، وإني أشهدك أني قد أجرته، وإذا كان يوم شديد البرد، ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل السماء، وأهل الأرض، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، ما أشد برد هذا اليوم؟ اللهم أجرني من برد زمهرير جهنم، قال الله لجهنم: إن عبدا من عبادي قد استجار بي من زمهريرك، وإني أشهدك أني قد أجرته". قالوا: وما زمهرير جهنم؟ قال: "حيث يلقي الله الكافر، فيتميز من شدة بردها بعضه من بعض".
فصل دركات جهنم نستعيذ بالله من عذابها

قال القرطبي: قال العلماء: "أعلى الدركات جهنم، وهي مختصة بالعصاة من أمة محمد ﷺ وهي التي تخلي من أهلها فتصفق الرياح أبوابها، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السعير، ثم سقر، ثم الجحيم، ثم الهاوية".

وقال الضحاك: في الدرك الأعلى المحمديون، وفي الثاني النصارى، وفي الثالث اليهود، وفي الرابع الصابئون، وفي الخامس، المجوس، وفي السادس مشركو العرب، وفي السابع المنافقون قلت: هذه المراتب وتخصيصها بهؤلاء، مما يحتاج إثباته إلى سند صحيح إلى المعصوم الذي: "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى".

ومعلوم أن هؤلاء كلهم يدخلون النار، ولكن كونه على هذه الصفة والترتيب الله أعلم بذلك...

فأما المنافقون: ففي الدرك الأسفل من النار بنص القرآن لا محالة.

قال القرطبي: "ومن هذه الأسماء ما هو علم للنار كلها لجملتها، نحو جهنم، وسعير، ولظى، فهذه أعلام، وليست لباب دون باب". وصدق فيما قال، رضي الله عنه.
ذكر بعض أفاعي جهنم والعياذ بالله تعالى

وقال حرملة: عن ابن وهب، أخبرني عمرو، بأن دراجا أبا السمح حدثه: أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي يحدث عن النبي ﷺ أنه قال: "إن في النار لحيات، أمثال أعناق البخت، يلسعن أحدهم اللسعة، فيجد حموها أربعين خريفا".

وقال الطبراني: حدثنا أبو يزيد القراطيسي، حدثنا أسد بن موسى حدثنا إسماعيل بن عباس، عن الربيع، عن البراء بن عازب، أن رسول الله ﷺ سئل عن قول الله تعالى: "زدناهم عذابا فوق العذاب". فقال: عقارب أمثال النحل الطوال تنهشهم في جهنم.

وقد رواه الثوري: عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن ابن مسعود.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا شجاع بن أشرس، حدثنا إسماعيل بن عباس، عن محمد بن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن كعب الأحبار قال: "حيات جهنم أمثال الأودية، وعقاربها كأمثال القلاع، وإن لها أذنابا كأمثال الرماح، يلقى أحدها الكافر، فيلسعه، فيتناثر لحمه على قدميه".
ذكر بكاء أهل النار فيها أجارنا الله عز وجل منها

قال أبو يعلى الموصلي: حدثنا عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خراش، حدثنا محمد بن حمير، عن ابن المبارك، عن عمران بن زيد، حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يا أيها الناس: ابكوا، فإن لم تبكوا فتباكوا، فإن أهل النار يبكون في النار، حتى تسيل دموعهم في وجوههم، كأنها جداول، وحتى تنقطع الدموع، فتقرح العيون، فلو أن سفنا أرسلت فيها لجرت".

ورواه ابن ماجه: من حدبث الأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس به نحوه، وقال أبو بكر بن أبي الدنيا، حدثني محمد بن العباس، حدثنا حماد الحريري، عن زيد بن رفيع، رفعه: قال: "أهل النار إذا دخلوا النار، بكوا الدموع زمانا، ثم بكوا القبح زمانا".

فيقول لهم الخزنة: يا معشر الأشقياء: تركتم البكاء في الدار المرحوم فيها أهلها في الدنيا، هل تجدون اليوم من تستغيثون به؟ قال: فيرفعون أصواتهم. يا أهل الجنة: يا معشر الآباء والأمهات، والأولاد: خرجنا من القبور عطاشا، وكنا طول الموقف عطاشا، ونحن اليوم عطاش، فأفيضوا علينا من الماء، أو مما رزقكم الله، قال فيودعون أربعين سنة، لا يجيبهم أحد، ثم يجابون: إنكم ماكثون. قال: فييأسون من كل خير.

قوله تعالى: "تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون".

قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن إسحاق، حدثنا عبد الله، هو ابن المبارك، أخبرنا سعيد بن يزيد أبو شجاع، عن أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، أن النبي ﷺ قرأ: "وهم فيها كالحون". ثم قال: "تشويه النار، فتتقلص شفته العليا وسط رأسه، وتسترخي شفته الدنيا، حتى تبلغ سرته".

ورواه الترمذي: عن سويد، عن المبارك به، وقال: حسن صحيح غريب، وقال ابن مردويه: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى الفزار: حدثنا الخضر بن علي بن يوسف القطان: حدثنا عم الحارث بن الخضر القطان، حدثنا سعيد بن سعد المقري، عن أخيه، عن أبيه، عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله ﷺ في قول الله: "تلفح وجوههم النار". قال: "تلفحهم لفحة، فتسيل لحومهم على أعقابهم".
أحاديث شتى في صفة النار وأهلها

قال: أبو القاسم الطبراني: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبو الشعثاء، عن أبي الحسن الواسطي، حدثنا خالد بن نافع الأشعري، عن سعيد بن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: قال رسول الله ﷺ: "إذا اجتمع أهل النار في النار، ومعهم من شاء الله من أهل القبلة، قال الكفار للمسلمين: ألم تكونوا مسلمين؟ قالوا: بلى قالوا: فما أغنى عنكم الإسلام، وقد صرتم معنا في النار؟ قالوا: كانت لنا ذنوب فأخذنا بها، فسمع الله ما قالوا؟ فأمر بمن كان في النار من أهل القبلة، فأخرجوا، فلما رأى ذلك من بقي من الكفار: "قالوا يا ليتنا كنا مسلمين فنخرج كما خرجوا". ثم قرأ رسول الله ﷺ: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم آلر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين".

وقال الطبراني: حدثنا موسى بن هارون، حدثنا إسحاق بن راهويه، قال: قلت لأبي أمامة: أحدثكم أبو روق عطية بن الحارث، حدثني صالح بن أبي طريف، سألت أبا سعيد الخدري، قلت له هل سمعت رسول الله ﷺ يقول في هذه الآية: "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين". قال: نعم: سمعته يقول: "يخرج الله أناسا من النار، ما يأخذ نقمته منهم". وقال: "لما أدخلهم الله النار مع المشركين، قال لهم المشركون: تزعمون أنكم أولياء الله في الدنيا، فما بالكم معنا في النار. فإذا سمع الله ذلك منهم، أذن في الشفاعة لهم، فشفع الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، حتى يخرجوا بإذن الله، فإذا رأى المشركون ذلك، قالوا: ليتنا كنا مثلهم، لتدركنا الشفاعة، فنخرج معهم". قال فذلك قول الله تعالى: "ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين". فيسمون في الجنة الجهنميين، من أجل سواد في وجوههم، فيقولون: يا رب أذهب عنا هذا الاسم، فيأمرهم، فيغتسلون في نهر الجنة، فيذهب ذلك الاسم عنهم". فأقر به أبو أسامة وقال: نعم...

وقال الطبراني: حدثنا محمد بن العباس- هو الأخزم، حدثنا محمد بن منصور الطوسي، حدثنا صالح بن إسحاق، حدثنا يحيى بن معين، حدثنا معروف بن واصل، عن يعقوب بن أبي نباتة، عن عبد الرحمن الأغر، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن ناسا من أهل لا إله إلا الله يدخلون النار بذنوبهم، فيقول أهل اللات والعزى: ما أغنى عنكم قولكم لا إله إلا الله، وأنتم معنا في النار؟ فيغضب الله لهم فيخرجهم، فيلقيهم في نهر الحياة، فيبرؤون من حرقهم كما يبرأ القمر من كسوفه فيدخلون الجنة، ويسمون فيها الجهنميين". فقال رجل: يا أنس: أنت سمعت رسول الله ﷺ يقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، فهل سمعت رسول الله ﷺ يقول هذا؟ فقال أنس: سمعت هذا من رسول الله ﷺ الجهبذ. قال الطبراني: لم يروه عن معروف بن واصل، إلا صالح بن إسحاق.
أثر غريب وسياق عجيب

قال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا عبد الرحمن القرشي، حدثنا طلحة بن سنان، حدثنا عبد الملك بن أبي، عن الشعبي، عن أبي هريرة، قال: "يؤتى بجهنم يوم القيامة، تقاد بسبعين ألف زمام، آخذا بكل زمام سبعون ألف ملك، وهي تمايل عليهم، حتى يوقف عن يمين العرش، ويلقي الله عليها الذل يومئذ فيوحي الله إليها، ما هذا الذل؟ فتقول: يا رب: أخاف أن تكون لك في نقمة، فيوحي الله إليها: إنما خلقتك نقمة، وليس لي فيك نقمة، فيوحي الله إليها، فتزفر زفرة لا تبقى دمعة في عين إلا جرت، قال: ثم تزفر أخرى، فلا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، إلا صعق، إلا نبيكم، نبي الرحمة، يقول: يا رب، أمتي أمتي".
أثر آخر من أغرب الأخبار

وقال الحافظ أبو نعيم الأصبهاني: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين البغداري، حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، حدثنا عبيد الله بن محمد بن عائشة، حدثنا مسلم الخواص، عن فرات بن السائب، عن زاذان، قال: سمعت كعب الأحبار يقول: "إذا كان يوم القيامة، جمع الله الأولين والآخرون في صعيد واحد، فنزلت الملائكة، فصاروا صفوفا، فيقال: يا جبريل ائتني بجهنم، فيأتي بها جبريل، تقاد بسبعين ألف زمام، حتى إذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام، زفرت زفرة طارت لها أفئدة الخلائق، ثم زفرت ثانيا، فلا يبقى ملك مقرب، ولا نبي مرسل، إلا جثا على ركبتيه، ثم زفرت الثالثة، فبلغت القلوب الحناجر، وذهلت العقول، فيفزع كل امرىء الى عمله، حتى إبراهيم الخليل، يقول: بخلتي لا أسألك إلا نفسي، وإن عيسى ليقول: بما أكرمتني لا أسألك إلا نفسي. لا أسألك لمريم التي ولدتني، أما محمد ﷺ فيقول: لا أسألك اليوم نفسي، إنما أسألك أمتي. قال: فيجيبه الجليل: أوليائي من أمتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، فوعزتي وجلالي لأقرن عينك في أمتك. قال: ثم تقف الملائكة بين يدي الله عز وجل، ينظرون ما يؤمرون به، فيقول لهم الرب تعالى وتقدس: معاشر الزبانية: انطلقوا بالمصرين من أهل الكبائر من أمة محمد ﷺ إلى النار، فقد اشتد غضبي بتهاونهم بأمري في دار الدنيا، واستخفافهم بحقي، وانتهاكهم حرمتي، يستخفون من الناس، ويبارزوني، مع كرامتي لهم، وتفضيلي إياهم على الأمم، لم يعرفوا فضلي، وعظم نعمتي، فعندها تأخذ الزبانية بلحى الرجال، وذوائب النساء، فينطلق بهم إلى النار، وما من عبد يساق إلى النار من غير هذه الأمة إلا مسودا وجهه، وقد وضعت الأنكال في قدمه، والأغلال في عنقه، إلا ما كان من هذه الأمة، فإنهم يساقون بأوانهم، فإذا وردوا على مالك قال لهم: معاشر الأشقياء أي أمة أنتم؟ فما ورد على أحسن وجوها منكم، فيقولون: يا مالك: نحن أمة القرآن، فيقول لهم: معاشر الأشقياء: أو ليس القرآن أنزل على محمد ﷺ؟ قال: فيرفعون أصواتهم بالنحيب والبكاء، وامحمداه. يا محمد اشفع لمن أمر به إلى النار من أمتك. قال: فينادي مالك: يا مالك؟ من أمرك بمعاتبة الأشقياء ومحاكمتهم والتوقف عن إدخالهم العذاب؟ يا مالك: لا تسود وجوههم، فقد كانوا يسجدون لله رب العالمين، في دار الدنيا، يا مالك: لا تثقلهم بالأغلال، فقد كانوا يغتسلون من الجنابة، يا مالك: لا تقيدهم بالأنكال، فقد طافوا حول بيتي الحرام، يا مالك: لا تلبسهم القطران، فقد خلعوا ثيابهم للإحرام، يا مالك: قل للنار تأخذهم على قدر أعمالهم، فالنار أعرف بهم، وبمقادير استحقاقهم، من الوالدة بولدها، فمنهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى سرته، ومنهم من تأخذه إلى صدره، قال: فإذا انتقم الله منهم على قدر كبائرهم وعتوهم وإصرارهم، فتح بينهم وبين المشركين بابا، وهم في الدرك الأعلى من النار، لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا، يبكون، ويقولون: يا محمداه: ارحم من أمتك الأشقياء، واشفع لهم، فقد أكلت النار لحومهم، وعظامهم، ودماءهم، ثم ينادون: يا رباه: يا سيداه: ارحم من لم يشرك بك في دار الدنيا، وإن كان قد أساء، وأخطأ، وتعدى، فعندها يقول المشركون: ما أغنى عنكم إيمانكم بالله وبمحمد؟ فيغضب الله لذلك فيقول: يا جبريل: انطلق، فأخرج من في النار من أمة محمد ﷺ فيخرجهم ضبائر قد امتحشوا، فيلقيهم على نهر على باب الجنة، يقال له نهر الحياة، فيمكثون حتى يعودوا أنضر ما كانوا، ثم يأمر الملائكة بإدخالهم عتقاء الرحمن من أمة محمد ﷺ فيعرفون من بين أهل الجنة بذلك، فيتضرعون إلى الله أن يمحو عنهم تلك السمة، فيمحوها الله عنهم، فلا يعرفون بها بعد ذلك من بين أهل الجنة". لبعض هذا الأثر شواهد من أحاديث أخر، والله تعالى أعلم.

وسيأتي بعد ذكر أحاديث الشفاعة، آخر من يخرج من النار، ويدخل الجنة، إن شاء الله تعالى.
ذكر الأحاديث الواردة في شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة و بيان أنواعها وتعدادها
الشفاعة العظمى

فالنوع الأول منها: شفاعته الأولى، وهي العظمى، الخاصة به، من بين سائر إخوانه من المؤمنين، والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين وهي التي يرغب إليه فيها الخلق كلهم، حتى الخليل إبراهيم، وموسى الكليم، ويتوسل الناس إلى آدم. فمن بعده من المرسلين، فكل يحيد عندها، ويقول: لست بصاحبها، حتى ينتهي الأمر إلى سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة، محمد رسول الله ﷺ دائما، فيقول: "أنا لها، أنا لها" فيذهب، فيشفع عند الله- عز وجل- في أن يأتي للفصل بين عباده، ويريحهم من مقامهم ذلك، ويميز بين مؤمنهم وكافرهم بمجازاة المؤمنين بالجنة، والكافرين بالنار، وقد ذكرنا ذلك عند تفسير سورة سبحان: "ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا".

وقد قدمنا الأحاديث الدالة على هذا المقام، بما فيه كفاية، ولله الحمد والمنة.
ما خص به رسول الله ﷺ دون جميع الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله أجمعين

وثبت في الصحيحين: من طريق هشام، عن سيار، عن يزيد، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وأحلت لي الغنائم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه، وبعثت إلى الناس عامة".

وقد رواه أبو داود الطيالسي: عن شعبة، عن سعيد، عن واصل، عن مجاهد، عن أبي ذر.

فقوله: وأعطيت الشفاعة، يعني بذلك الشفاعة العظمى، وهي الأولى، التي يشفع فيها عند الله عز وجل، ليأتي لفصل القضاء، وهي التي يرغب إليه فيها الخلق كلهم، حتى الخليل إبراهيم، وموسى الكليم، وسائر النبيين، والمرسلين، والمؤمنين، ويعترف بها الأولون، والآخرون، فهذه هي الشفاعة التي اختص بها دون غيره، فأما الشفاعة في العصاة، فكما ثبتت لغيره من الأنبياء، وكذلك ثبتت للملائكة وسائر النبيين كما سيأتي بيانه، فيما نورده من الأحاديث الصحيحة، إن شاء الله تعالى.

وقال الأوزاعي: عن أبي عمار، عن عبد الله بن فروخ، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "أنا أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع، وأول مشفع".

وكذلك رواه البيهقي، عن معمر بن راشد، عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، عن بشر بن سعاف، عن عبد الله بن سلام، قال قال رسول الله ﷺ: "أنا سيد ولد آدم، ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، وأنا أول شافع ومشفع، وبيدي لواء الحمد، حتى آدم، فمن دونه".

وفي صحيح مسلم: من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب، أن رسول الله ﷺ قال: "إن ربي أرسل إلي: أن أقرأ القرآن على حرف، فرددت عليه: يا رب: هون على أمتي، فرد علي الثانية: أن أقرأه على حرف، قال: قلت: يا رب: هون على أمتي، فرد علي الثالثة: أن اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، وأخرجت الثانية إلى يوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم".

النوع الثاني والثالث من الشفاعة، شفاعته ﷺ في أقوام قد تساوت حسناتهم وسيئاتهم ليدخلوا الجنة، وفي أقوام آخرين قد أمر بهم إلى النار، أن لا يدخلوا.

قال الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا في كتابه الأهوال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي، حدثنا أبو عبيدة الحداد، حدثنا محمد بن ثابت البناني، عن عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: "ينصب للأنبياء يوم القيامة منابر من ذهب، فيجلسون عليها، قال: ويبقى منبري، لا أجلس عليه، قائما بين يدي الله عز وجل، منتصبا بأمتي مخافة أن يبعث بي إلى الجنة، ويبقى أمتي بعدي، فأقول: يا رب: أمتي، فيقول الله: يا محمد: وما تريد أن أصنع بأمتك؟ فأقول: يا رب: عجل حسابهم، فيدعو بهم فيحاسبون، فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله تعالى، ومنهم من يدخل الجنة بشفاعتي، وما أزل أشفع، حتى أعطى صكاكا برجال قد بعث بهم إلى النار، حتى إن مالكا خازن جهنم ليقول: يا محمد: ما تركت لغضب ربك على أمتك من نقمة".

وحدثنا إسماعيل بن عبيد بن عمير بن أبي كريبة، حدثني محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: "يحشر الناس عراة، فيجتمعون شاخصة أبصارهم إلى السماء، يبصرون فصل القضاء، قياما أربعين سنة، فينزل الله عز وجل من العرش إلى الكرسي فيكون أول من يدعى إبراهيم الخليل، عليه الصلاة والسلام، فيكسى قبطيتين من الجنة، ثم يقول الله عز وجل: ادعوا إلى النبي الأمي محمدا، قال: فأقوم، فأكسى حلة من ثياب الجنة. قال: ويفجر لي الحوض، وعرضه كما بين أيلة إلى الكعبة. قال: فأشرب، وأغتسل، وقد تقطعت أعناق الخلائق من العطش، ثم أقوم عن يمين الكرسي، ليس أحد قائم ذلك المقام غيري، ثم يقال: سل تعطه، واشفع تشفع، فقال رجل: أترجو لوالديك شيئا يا رسول الله؟ قال: إني لشافع لهما، أعطيت أو منعت، وما أرجو لهما شيئا".

ثم قال المنهال، حدثني عبد الله بن الحارث أيضا أن نبي الله ﷺ قال: "أمر بقوم من أمتي قد أمر بهم إلى النار فيقولون: يا محمد: ننشدك الشفاعة، قال: فآمر الملائكة أن يقفوا بهم، قال: فأنطلق واستأذن على الرب عز وجل، فيؤذن لي، فأسجد، وأقول: رب: قوم من أمتي قد أمرت بهم الى النار، قال: فيقول: انطلق فأخرج من شاء الله أن تخرج، ثم ينادي الباقون يا محمد: ننشدك الشفاعة، فأرجع إلى الرب، فأستأذن، فيؤذن لي، فأسجد، فيقول: ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفع. فأقول فأثني على الله بثناء لم يثن عليه أحد، ثم أقول: قوم من أمتي قد أمر بهم إلى النار، فيقول: انطلق فأخرج منهم من قال لا إله إلا الله، فأقول: ومن كان في قلبه مثقال حبة من إيمان. قال: فيقول: يا محمد ليست تلك لك، تلك لي، قال: فأنطلق فأخرج من شاء الله أن أخرج قال: ويبقى قوم فيدخلون النار، فيعيرهم أهل النار، فيقولون: أنتم كنتم تعبدون الله ولا تشركون به، وقد أدخلكم إلى النار قال: فيحزنون لذلك، قال: فيبعث الله ملكا بكف من ماء، فينضح بها في النار، فلا يبقى أحد من أهل لا إله إلا الله، إلا وقعت في وجهه قطرة قال: فيعرفون بها، ويغبطهم أهل النار، ثم يخرجون، فيدخلون الجنة، فيقال لهم: انطلقوا، فيضيفون الناس، فلو أن جميعهم نزلوا برجل واحد، كان لهم عنده سعة، ويسمون المجردين".

وهذا السياق يقتضي تعدد الشفاعة، فيمن أمر بهم إلى النار ثلاث مرات أن لا يدخلوها، ويكون معنى قوله: فأخرج: أنقذ: بدليل قوله بعد ذلك: ويبقى قوم فيدخلون النار، والله تعالى أعلم: النوع الرابع من الشفاعة، شفاعته ﷺ في رفع درجات من يدخل الجنة فيها، فوق ما كان يقتضيه ثواب أعمالهم، وقد وافقت المعتزلة على هذه الشفاعة خاصة، وقد خالفوا فيما عداها من المقامات مع تواتر الأحاديث فيها، على ما ستراه قريبا إن شاء تعالى، وبه الثقة، وعليه التكلان.

فأما دليل هذا النوع، فهو ما ثبت في الصحيحين، وغيرهما: من رواية أبي موسى الأشعري، لما أصيب عمه أبو عامر، في غزوة الأوطاس وأخبر أبو موسى رسول الله ﷺ ورفع يديه وقال: "اللهم اغفر لعبيد، أبي عامر، واجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك".

وهكذا حديث أم سلمة: أن رسول الله ﷺ دعا لأبي سلمة بعدما توفي، فقال: "اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله، يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونور له فيه". وهو في صحيح مسلم.

من الشفاعة ما يدخل من شفع له الجنة بغير حساب ومنها ما يخفف عن المذنب من العذاب

وقد ذكر القاضي عياض، وغيره نوعا آخر من الشفاعة، وهو الخامس، في أقوام يدخلون الجنة بغير حساب، ولم أر لهذا شاهدا فيما علمت، ولم يذكر القاضي فيما رأيت مستند ذلك، ثم تذكرت حديث عكاشة بن محصن حين دعا له رسول الله ﷺ أن يجعله من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب.

والحديث مخرج في الصحيحين، كما تقدم، وهو يناسب هذا المقام.

وذكر أبو عبد الله القرطبي في التذكرة نوعا آخر سادسا من الشفاعة، وهو شفاعته في عمه أبي طالب، أن يخفف عذابه...

واستشهد بحديث أبي سعيد في صحيح مسلم: أن رسول الله ﷺ ذكر عنده أبو طالب فقال: "لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة، فيجعل في ضحضاح من نار، يبلغ كعبيه، يغلي منه دماغه". ثم قال: فإن قيل: فقد قال الله تعالى: "فما تنفعهم شفاعة الشافعين". قيل له: لا تنفعه في الخروج من النار، كما تنفع عصاة الموحدين، الذين يخرجون منها، ويدخلون الجنة.

النوع السابع من الشفاعة: شفاعته ﷺ لجميع المؤمنين قاطبة في أن يؤذن لهم في دخول الجنة: كما ثبت في صحيح مسلم: عن أنس بن مالك، أن رسول الله ﷺ قال: "أنا أول شافع في الجنة". وقال في حديث الصور بعد ذكر مرور الناس على الصراط: "فإذا أفضى أهل الجنة إلى أبواب الجنة، قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا، فندخل الجنة، فيقولون: من أحق بذلك من أبيكم آدم؟ إنه خلقه الله بيده. ونفخ فيه من روحه، وكلمه قبلا، فيأتون آدم، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بنوح، فإنه أول رسل الله، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، عليكم بموسى، فيطلب ذلك إليه، فيذكر ذنبا، ويقول: ما أنا بصاحب ذلك، ولكن عليكم بمحمد. قال رسول الله ﷺ: فيأتون إلي، ولي عند ربي عز وجل ثلاث شفاعات وعدنيهن، فأنطلق فآتي الجنة، فأخذ بحلقة الباب، ثم أستفتح، فيفتح لي، فأحيي، ويرحب بي، فإذا دخلت فنظرت إلى ربي عز وجل خررت له ساجدا، فيأذن الله من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول الله لي: ارفع يا محمد رأسك، واشفع تشفع، وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي، قال الله:- وهو أعلم- ما شأنك؟ فأقول: يا رب: وعدتني الشفاعة، فشفعني في أهل الجنة، يدخلون الجنة، فيقول الله عز وجل: قد شفعتك، وأذنت لهم في دخول الجنة، فكان رسول الله ﷺ يقول: "والذي بعثني بالحق، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم، من أهل الجنة بأزواجهم ومسا كنهم". فيدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله عز وجل، واثنتين من بنات آدم، لهما فضل على من يشاء الله، بعبادتهما الله في الدنيا ثم ذكر بعد هذا الشفاعة في أهل الكبائر وهو النوع الثامن.

النوع الثامن من الشفاعة، شفاعته في أهل الكبائر من أمة محمد ممن دخل النار، فيخرجون منها وقد تواترت بهذا النوع الأحاديث.
خفي علم الشفاعة على الخوارج والمعتزلة فأنكروها، وعاند بعضهم فرفضوا القول بها

وقد خفي علم ذلك على الخوارج والمعتزلة، فخالفوا في ذلك، جهلا منهم بصحة الأحاديث، وعنادا ممن علم ذلك، واستمر على بدعته، وهذه الشفاعة يشاركه فيها الملائكة، والنبيون، والمؤمنون أيضا، وهذه الشفاعة تتكرر منه صلوات الله وسلامه عليه.
بيان طرق الأحاديث وألفاظها ومن الأحاديث الواردة في شفاعة المؤمنين لأهاليهم

رواية أبي بن كعب

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا عبد الله بن وضاح، حدثنا يحيى بن يمان، عن شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن الطفيل بن أبي بن كعب، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله ﷺ: "أنا خطيب الأنبياء يوم القيامة، وإمامهم، وصاحب شفاعتهم".

رواية أنس بن مالك رضي الله عنه

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا سعيد بن سليمان، عن منصور بن أبي الأسود، عن ليث، عن الربيع، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "أنا أولهم خروجا، وأنا قائدهم إذا وفدوا، وأنا خطيبهم إذا أنصتوا، وأنا شفيعهم إذا حبسوا، وأنا مبشرهم إذا يئسوا، والكرامة والمفاتيح يومئذ بيدي، ولواء الحمد يومئذ بيدي، وأنا أكرم ولد آدم على الله عز وجل، يطوف على ألف خادم، كأنهم بيض مكنون، أو كأنهم لؤلؤ منثور".

ثم رواه عن خلف، عن هشام، عن جبير بن علي العري، عن ليث بن أبي سليم، عن عبيد الله بن زحر، عن الربيع بن أنس، عن أنس فذكره مرفوعا كما تقدم.

طريق أخرى عنه

قال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا بسطام بن حرب، عن أشعث الحذاء، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" .

وهكذا رواه أبو داود: عن سليمان، عن بسطام، عن أشعث بن عبد الله، عن جابر الحماني، عن أنس.

طريق أخرى

قال الحافظ أبو بكر البزار في مسنده: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا أبو داود، حدثنا الخزرج بن عثمان، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".

ثم قال: لم يروه عن ثابت إلا الخزرج بن عثمان.

وهكذا روى أبو يعلي من طريق يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي ﷺ أنه قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".

طريق أخرى

قال الإمام أحمد: حدثنا عارم، عن معتمر، سمعت أبي يحدث، عن أنس، أن رسول الله ﷺ قال: "كل نبي سأل سؤالا أو قال: لكل نبي دعوة قد دعاها، فاستجيب له، وقد استجاب الله تعالى دعوتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة". أو كما قال.

ورواه البخاري تعليقا فقال: وقال معتمر: عن أبيه، وأسنده مسلم، فرواه عن محمد بن عبد الأعلى، عن معتمر، عن أبيه سليمان بن طرخان التيمي، عن أنس به نحوه:

طريق أخرى

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا فضيل بن عبد الوهاب، حدثنا أبو بكر بن عياش، عن حميد، عن أنس ابن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن يزيد العجلي، حدثنا أبو بكر بن عياش، حدثنا حميد، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن كان يوم القيامة أوتيت الشفاعة، فأشفع لمن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان، حتى لا يبقى أحد في قلبه من الإيمان مثل هذا" وحرك الإبهام والمسبحة.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا بهز، وعفان، قالا: حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس: أن رسول الله ﷺ قال: "لكل نبي دعوة قد دعاها، واستجيب له، وإني قد خبأت دعوتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة". على شرطيهما، ولم يخرجوه من حديث همام، وإنما أخرجه الشيخان من حديث أبي عوانة الوضاح بن عبد الملك اليشكري، عن قتادة.

ثم رواه مسلم: من حديث سعيد، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيهتمون بذلك، أو يهمون لذك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا حتى يريحنا من مكاننا هذا، فيأتون آدم ﷺ فيقولون: أنت آدم أبو الخلق، خلقك الله تعالى بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك. اشفع لنا عند ربك، ليريحنا من مكاننا هذا، فيقول: لست هناكم، فيذكر خطيئته التي أصاب، فيستحي من ربه منها" بمثل حديث أبي عوانة وقال في الحديث: "ثم آتيه الرابعة، أو أعود الرابعة، فأقول: يا رب: ما بقي إلا من حبسه القرآن".

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا عفان، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس: أن رسول الله ﷺ قال: "يحبس المؤمنون يوم القيامة، فيهتمون لذلك، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا فيريحنا من مكاننا هذا، قال: فيأتون آدم، فيقولون: أنت أبونا، خلقك الله تعالى بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فاشفع لنا عند ربك، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي أصاب، أكله من الشجرة، وقد نهي عنها، ولكن أتوا نوحا، أول نبي بعثه الله إلى أهل الأرض، قال: فيأتون نوحا، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، بسؤاله ربه بغير علم، ولكن ائتوا إبراهيم، فيأتون إبراهيم فيقول: لست هناكم: ويذكر خطيئته التي أصاب، ثلاث كذبات، كذبهن، قوله "إني سقيم" وقوله: "بل فعله كبيرهم هذا" وأتى على الجبار النمرود ومعه امرأته فقال: أخبريه أني أخوك، فإني مخبره أنك أختي، ولكن ائتوا موسى، عبدا كلمه الله تكليما، وأعطاه التوراة، قال: فيأتون موسى، فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته التي هي قتله الرجل، ولكن ائتوا عيسى، عبدا هو كلمة الله وروحه. قال: فيأتون عيسى فيقول: لست هناكم، ولكن ائتوا محمدا، عبدا غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: فيأتون فأستأذن على ربي في داره، فيؤذن لي عليه فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد، وقل تسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، فأحمد ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حدا، فأخرجهم، فأدخلهم الجنة، قال: ثم استأذن على ربي الثانية، فيؤذن لي عليه، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد، وقل تسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، قال: فأرفع رأسي، فأحمد ربي بثناء وتحميد يعلمنيه، ثم أشفع، فيحد لي حدا، فأدخلهم الجنة، قال همام: وأيضا سمعته يقول: فأخرجهم من النار، فأدخلهم الجنة قال: ثم استأذن على ربي الثالثة، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول: ارفع رأسك يا محمد، وقل تسمع، واشفع تشفع، وسل تعط، فأرفع رأسي فأحمد ربي بثناء وتحميد يعلمينه، ثم أشفع، فيحد لي حدا، فأخرجهم من النار فأدخلهم الجنة، قال همام: وسمعته يقول: فأخرجهم من النار فأدخلهم الجنة فما يبقى في النار إلا من حبسه القرآن أي وجب عليه الخلود. ثم تلا قتادة: "عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا". قال هو المقام المحمود الذي وعد الله تعالى نبيه ﷺ.

وقد رواه البخاري في كتاب التوحيد معلقا فقال: وقال حجاج بن منهال، عن همام، فذكره بنحوه.

طرق آخر متعددة

قال البخاري في كتاب التوحيد: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا معبد بن هلال البغوي، قال: اجتمعنا مع ناس من البصرة، فذهبنا إلى أنس بن مالك، وذهب معنا ثابت البناني، ليسأله لنا عن حديث الشفاعة، فإذا هو في منزله يصلي الضحى، فوقفنا حتى انتهى من صلاته، فاستأذناه، فأذن لنا، وهو قاعد على فراشه، فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أولى من حديث الشفاعة، فقال: يا أبا حمزة: هؤلاء إخوانك من أهل البصرة، جاءوا يسألونك عن الشفاعة، فقال: حدثنا محمد ﷺ قال: "إذا كان يوم القيامة، ماج الناس بعضهم في بعض، فيأتون آدم. فيقولون: اشفع لنا إلى ر بك، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بإبراهيم، فيقول: لست لها ولكن عليكم بموسى، فإنه كليم الله، فيأتون موسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى، فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد، فيأتوني، فأقول: أنا لها، فأستأذن على ر بي، فيؤذن لي، ويلهمني محامد أحمده بها، لا تحضرني الآن، فأحمده بتلك المحامد، وأخر له ساجدا، فيقال يا محمد، ارفع رأسك وقل يسمع لك، واشفع تشفع، وسل تعط، فأقول: يا رب: أمتي، فيقال: انطلق، فأخرج من النار من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، فأنطلق، فأفعل، ثم أعود، فأحمد الله بتلك المحامد، ثم آخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع لك، واشفع تشفع وسل تعط، فأقول: يا رب: أمتي أمتي، فيقال، انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان، فأخرجه من النار، فأنطلق فأفعل". قال: فلما خرجنا من عند أنس، قلت لبعض أصحابي لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة، فحدثناه بما حدثناه أنس بن مالك، فلم ير مثل ما حدثنا في الشفاعة، فقال: هيه: فحدثناه بالحديث، فانتيهنا إلى هذا الموضع، فقال: لم يرو على هذا، فقال: لقد حدثني بهذا الحديث منذ عشرين سنة، فما أدري أنسي أم كره أن تتكلموا؟ فقلنا: يا أبا سعيد: فحدثنا، فضحك، وقال: "وكان الإنسان عجولا". ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم، حدثني كما حدثكم قال: ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد، ثم آخر له ساجدا، فيقال: يا محمد: ارفع رأسك وقل يسمع لك، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: يا رب: ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، فيقول: وعزتي، وكبريائي، وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله.

وهكذا رواه مسلم: عن أبي الربيع الزهراني، وسعيد بن منصور، كلاهما عن حماد بن زيد، به نحوه.

وقد رواه أحمد: عن عفان، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، عن النبي ﷺ، فذكر الحديث بطوله وقال: "فأحمد ربي بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي، ولا يحمده بها أحد بعدي، قال: فأخرج من كان في قلبه مثقال شعيرة، ثم يعود فيقال: مثقال ذرة" ولم يذكر الرابعة.

وهكذا رواه البزار: عن محمد بن بشار، ومحمد بن معمر، كلاهما عن حماد بن مسعدة، عن محمد بن عجلان، عن جونة بن عبيد المدني، عن أنس بن مالك، فذكر الحديث بطوله، وذكر فيه الشفاعة ثلاثا، ثم قال: لم يرو عن جونة بن عبيد إلا ابن عجلان.

وهكذا رواه أبو يعلى: من حديث الأعمش، عن زيد الرقاشي، عن أنس فذكر الحديث بطوله، فذكر ثلاث شفاعات، وقال في آخرهن: فأقول: أمتي، فيقال: "لك من قال لا إله إلا الله مخلصا".

طريق أخرى

قال البزار: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا عمرو بن مسعدة، عن عمران العمي، عن الحسن، عن أنس، قال: قال رسول الله ﷺ: "لا أزال أشفع وأشفع- أو قال: ويشفعني ربي عز وجل، حتى أقول: أي رب: شفعني فيمن قال: لا إله إلا الله". ثم قال: لا نعلمه يروي إلا بهذا الإسناد. ورواه ابن أبي الدنيا: عن أبي حفص الصيرفي، عن حماد بن مسعدة به.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا يونس بن محمد، حدثنا حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري، عن النضر بن أنس، عن أنس قال: حدثنا نبي الله ﷺ قال "إني لقائم أنتظر أمتي تعبر الصراط، إذ جاءني عيسى، فقال: هذه الأنبياء قد جاءتك يا محمد يسألون، أو قال: يجتمعون إليك، لتدعو الله أن يفرق بين جميع الأمم، إلى حيث يشاء لهم، فيخرجهم مما هم فيه، والخلق ملجمون بالعرق، فأما المؤمن فهو عليه كالزكمة، وأما الكافر فيغشاه الموت، قال: فأقول: يا عيسى: انتظر حتى أرجع إليك، قال: فأذهب حتى أقوم تحت العرش، فألقي ما لم يلق نبي مصطفى، ولا نبي مرسل، فيوحي الله إلى جبريل: اذهب إلى محمد فقل: ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، قال: فأشفع في أمتي، أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسانا واحدا، قال: فما أزال أتردد على ربي، فلا أقوم بين يديه مقاما إلا شفعت، حتى يعطيني الله عز وجل من ذلك أن يقول سبحانه وتعالى: يا محمد: أدخل من أمتك من شهد أن لا إله إلا الله، يوما واحدا مخلصا، ومات على ذلك". تفرد به أحمد، وقد حكم الترمذي بالحسن لهذا الإسناد.

وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا أبو يوسف العلوي: حدثنا عبد الله بن رجاء، أخبرنا حرب بن ميمون، حدثني النضر بن أنس، عن أنس، قال: "جاء جبريل إلى النبي ﷺ، وقد حضر من أمر العباد منا حضر، فقال: أستأذن إلى ربك، فسل لأمتك الشفاعة، قال: فدنوت من العرش، فقصت عند العرش، فلقيت ما لم يلق نبي، ولا ملك مقرب، فقال: سل تعطه، واشفع تشفع، فقلت: أمتي". وذكر الحديث كنحو سياق الإمام أحمد.

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا علي بن معبد، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا أبو إسرائيل، عن الحارث ابن حصيرة، عن ابن أبي بريدة، عن أبيه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إني لأرجو أن أشفع في عدد كل حجر ومدر لأمتي".

رواية جابر بن عبد الله

قال الإمام أحمد: حدثنا معمر، حدثنا عبد الله، حدثنا هشام، سمعت الحسن يذكر عن جابر بنعبد الله، قال: قال رسول الله: "إن لكل نبي دعوة قد دعا بها، وإني اختبأت دعوتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة".. تفرد به أحمد من هذا الوجه.

طريق أخرى: شفاعة الرسول ﷺ يوم القيامة تكون لمن أوثق نفسه وأثقل ظهره:

قال الحافظ البيهقي: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي، أنبأنا محمد بن حمدويه بن سهل المروزي، أخبرنا أبو نصر الغازي، حدثنا عبد الله بن حماد الأيلي، حدثنا صفوان بن صالح، حدثنا الوليد، حدثنا زهر بن محمد، حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ﷺ: "شفاعتي يوم القيامة لأهل الكبائر من أمتي". فقلت: ما هذا يا جابر؟ قال: نعم يا محمد، إنه من زادت حسناته على سيئاته فذلك الذي يدخل الجنة بغير حساب، ومن استوت حسناته وسيئاته فذلك الذي يحاسب حسابا يسيرا، ثم يدخل الجنة، وإنما شفاعة رسول الله ﷺ لمن أوثق نفسه وأعلق ظهره.

وقد رواه البيهقي أيضا: عن الحاكم، عن أبي بكر محمد بن جعفر بن أحمد المزكي، عن محمد بن إبراهيم العبدي، عن يعقوب بن كعب الحلبي، عن الوليد بن مسلم، عن زهر بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر، أن رسول الله ﷺ تلا: "ولا يشفغون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون". ثم قال ﷺ: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي". قال الحاكم: هذا حديث صحيح.

قال البيهقي: وظاهره يوجب أن تكون الشفاعة في أهل الكبائر، تختص برسول الله ﷺ، فالملائكة إنما يشفعون في أهل الصغائر، واستزادة الدرجات، وقد يكون المراد من الآية، بيان كون المشفوع فيه مرتضى بإيمانه، وإن كانت له كبائر وذنوب، دون الشرك، فيكون المراد بالآية، نفي الشفاعة للكفار، لأن الله تعالى لم يأذن بها، ولم يرض اعتقاد جوازها.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا روح، حدثنا ابن جرير، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله: "لكل نبي دعوة مستجابة قد دعاها في أمته، وخبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". ورواه مسلم: عن محمد بن أحمد بن أبي خلف، عن روح بن عبادة.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا زهر، حدثنا أبو الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله- ﷺ: "إذا ميز أهل الجنة، وأهل النار، فدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قامت الرسل، فشفعوا، فيقال: انطلقوا واذهبوا، فمن عرفتموه فأخرجوه، فيخرجونهم قد امتحشوا فيلقونهم في نهر-أو على نهر- يقال له نهر الحياة. قال: فيسقط امتحاشهم على حافتي النهر، ويخرجون بيضا، كالقوارير ثم يشفعون، فيقال: اذهبوا وانطلقوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة قيراط من إيمان فأخرجوه، قال: فيخرجون سراعا، ويشفعون، فيقال: اذهبوا وانطلقوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه، ثم يقول الله: أنا الآن أخرج بعلمي ورحمتي، فيخرج أضعاف ما أخرجوا، وأضعافه، فيكتب في رقابهم عتقاء الله، ثم يدخلون الجنة، فيسمون فيها الجهنميين". تفرد به أحمد.

حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه

قال أحمد: حدثنا إبراهيم بن نافع، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن راشد بن داود الصنعاني، عن عبد الرحمن بن حسان، عن روح بن زنباع، عن عبادة بن الصامت، قال: فقد النبي ﷺ ليلة أصحابه، وكانوا إذا نزلوا أنزلوه أوسطهم، ففزعوا وظنوا أن الله تبارك وتعالى اختار له أصحابا غيرهم، فإذا هم بخيال النبي ﷺ فكبروا حين رأوه، وقالوا: يا رسول الله، أشفقنا أن يكون الله تبارك وتعالى اختار لك أصحابا غيرنا، فقال رسول الله ﷺ: "لا، بل أنتم أصحابي في الدنيا والآخرة، إن الله تعالى أيقظني، فقال: يا محمد، إني لم أبعث نبيا، ولا رسولا إلا وقد سألني مسألة أعطيتها إياه، فاسأل يا محمد تعطه، فقلت: مسألتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فقال أبو بكر: يا رسول الله، وما الشفاعة؟ قال: أقول: يا رب شفاعتي التي اختبأت لأمتي عندك، فيقول الرب تبارك وتعالى نعم، فيخرج الله بقية أمتي من النار فينبذهم في الجنة، تفرد به أحمد.

طريق أخرى

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا علي بن الجعد، حدثنا القاسم بن الفضل الحداني، حدثني سعيد بن المهلب، قال: قال طلق بن حبيب: "كنت من أشد الناس تكذيبا بالشفاعة، حتى لقيت جابر بن عبد الله، فقرأت عليه كل آية أقدر عليها، فيها ذكر خلود أهل النار في النار، فقال لي: يا طلق: أتراك أقرأ لكتاب الله، وأعلم بسنة نبيه مني؟ قال: إن الذي قرأت هم المشركون، ولكن هؤلاء قوم أصابوا ذنوبا عذبوا بها، ثم أخرجوا من النار- ثم أومأ بيده إلى أذنيه- ثم قال: صمتا، إن لم أكن سمعت رسول الله ﷺ يقوله: "ونحن نقرأ الذي نقرأ".

قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن أبي نضرة، قال: خطبنا ابن عباس على منبر البصرة فقال: قال رسول الله ﷺ: "إنه لم يكن نبي إلا له دعوة، قد أنجزها في الدنيا، وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي، وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة، ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، ولا فخر، بيدي لواء الحمد، ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي، ولا فخر، ويطول على الناس يوم القيامة، فيقول بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر، فيشفع لنا إلى ربنا، ليقضي بيننا، فيأتون آدم، فيقولون: يا آدم: أنت الذي خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، اشفع لنا إلى ربنا، فليقض بيننا، فيقول إني لست هناكم، إني قد أخرجت من الجنة بخطيئتي، وإني لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا إبراهيم الخليل، فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربنا، فليقض بيننا، فيقول: إني لست هناكم إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات والله إن حاول بهن إلا الدفاع عن دين الله، قوله: "إني سقيم" وقوله: "بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون" وقوله لامرأته حين أتى على على الملك: أختي، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا موسى، اصطفاه الله برسالته، وبكلامه، فيأتون موسى، فيقولون اشفع لنا إلى ربك، فليقض بيننا، فيقول: لست هناكم، إني قتلت نفسا بغير نفس، وإنه لا يهني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا عيسى، روح الله وكلمته، فيأتون عيسى فيقولون: اشفع لنا ربنا فليقض بيننا، فيقول: إني لست هناكم، إني اتخذت إلها من دون الله، وإنه لا يهمني إلا نفسي، ولكن أرأيتم لو كان متاع في وعاء مختوم عليه، أكان يقدر على ما في جوفه حتى يفض الخاتم؟ قال، فيقولون: لا، قال: فيقول: إن محمدا خاتم النبيين، وقد حضر اليوم، وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال رسول الله ﷺ، فيأتون، فيقولون: يا محمد، اشفع إلى ربك، فليقض بيننا، فأقول: أنا لها، حتى يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فإذا أراد أن يصدع بين خلقه نادى مناد: أين أحمد وأمته. فنحن الآخرون الأولون، آخر الأمم، وأول من يحاسب، فتفرج لنا الأمم طريقا، فنمضي غرا محجلين، من أثر الوضوء، فيقال: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها، فآتي باب الجنة، فآخذ بحلقة، الباب فأقرع الباب، فيقال من أنت؟ فأقول: أنا محمد، فيفتح، فأرى ربي عز وجل وهو على كرسيه، أو سريره- شك حماد- فأخر له ساجدا، فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي، وليس يحمده بها أحد بعدي، فيقال: يا محمد: ارفع رأسك، وسل تعطه، وقل يسمع لك، واشفع تشفع. قال: فأرفع رأسي، فأقول: أي رب، أمتي أمتي، فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا- لم يحفظ حماد- ثم أعود فأسجد فأقول ما قلت، فيقول: ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع، فأقول: أي رب. أمتي أمتي، فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا. دون الأول، ثم أعود فأسجد وأقول مثل ذلك، فيقال لي: ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع فأقول: أي رب، أمتي أمتي؟ فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون ذلك".

وقد روى ابن ماجه بعضه: من رواية حماد بن سلمة، عن سعيد بن إياس الجوهري عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطنة، عن ابن عباس، به، وتقدم في الصنف الثاني والثالث من أنواع الشفاعة، في أقوام قد أمر بهم إلى النار أن لا يدخلوها.

رواية عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما

قال الحافظ أبو بكر البزار: حدثنا "هنا بياض بالأصل إلى العنوان الآتي"

طريق أخرى

وقد روى الطبراني في معجمه الكبير، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".

طريق أخرى

قال الإمام أحمد: حدثنا معمر بن سليمان الرقي أبو عبد الله، حدثنا زياد بن خيثمة، عن علي بن النعمان بن قراد، عن رجل، عن عبد الله بن عمر، عن النبي ﷺ قال: "خيرت بين الشفاعة، وبين أن يكون نصف أمتي في الجنة فاخترت الشفاعة، لأنها أعم وأكفأ، أترونها للمتقين؟ لا، ولكنها للمتأوبين الخطائين" قال زياد: أما إنها الحق، لكن هكذا الذي حدثنا.

ورواه ابن أبي الدنيا، عن الحسن بن عرفة، عن عبد السلام بن حرب، عن نعمان بن قراد، عن عبد الله، فذكره بنحوه.

هكذا رأيته في كتاب الأهوال، وكذا رواه البيهقي في البعث والنشور، من طريق الحسن بن عرفة.

رواية عبد الله بن عمرو بن العاص

قال مسلم: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدثه، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله ﷺ تلا قول الله حكاية لسان إبراهيم: "رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم". وقول الله تعالى حكاية على لسان عيسى: "إن تعذبهم فإنهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم". وقول الله تعالى حكاية على لسان نوح: "رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا". فرفع يديه، وقال: اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد- وربك أعلم- فسله ما يبكيك؟ فأتاه جبريل، فسأله، فأخبره رسول الله ﷺ بما قال، فأخبر جبريل ربه بما قال- وهو أعلم- فقال الله: يا جبريل: اذهب إلى محمد، فقل له: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.

رواية عبد الله بن مسعود

قد تقدمت رواية علقمة في الحوض والمقام المحمود وفيه ذكر الشفاعة.

رواية عبد الرحمن بن أبي عقيل

قال البيهقي: أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان، حدثنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا زهير، حدثنا أبو خالد يزيد الأسدي، حدثنا عون بن أبي جحيفة السوائي، حدثنا عبد الرحمن بن علقمة الثقفي، عن عبد الرحمن بن أبي عقيل، قال: "انطلقت إلى النبي ﷺ في وفد، فأتيناه، فأنخنا بالباب،- وما في الناس أبغض إلينا من رجل نلج عليه- فلما خرجنا، خرجنا وما في الناس أحب إلينا من رجل دخلنا عليه، فقال قائل منهم: يا رسول الله: سألت ر بك كملك سليمان؟ فضحك رسول الله ﷺ ثم قال: فلعل قضاء حوائجكم عند الله أفضل من ملك سليمان، إن الله لم يبعث نبيا إلا أعطاه دعوة، فمنهم من اتخذها دنيا فأعطيها، ومنهم من دعاها على قومه إذ عصوه فأهلكوا بها، وإن الله أعطاني دعوة، فاختبأتها عند ربي، شفاعة لأمتي يوم القيامة". قلت: إسناد غريب، وحديث غريب.

رواية أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه: الشفعاء يوم القيامة هم الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء:

قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا إسحاق، حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن بن عنبسة القرشي، عن علاف بن أبي مسلم، عن أبان بن عثمان، عن عثمان، قال: قال رسول الله ﷺ: "يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء".

وقال البزار: حدثنا عبد الواحد بن غياث، حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن، عن علاف بن أبي مسلم، قال: ورايته في موضع آخر عندي، عن عبد الملك بن علاف، عن أبان عن عثمان، عن النبي ﷺ قال: "أول من يشفع يوم القيامة الأنبياء، ثم الشهداء، ثم المؤمنون ".

قال البزار: وعنبسة هذا لين الحديث، وعبد الملك بن علاف لا يعلم من روى عنه غير عنبسة.

رواية علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي عنه

قال أبو بكر البزار: حدثنا محمد بن زيد المداري، حدثنا عمرو بن عاصم، حدثنا حرب بن شريح البزار، قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي: أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل العراق، أحق هي؟ قال: شفاعة ماذا؟ قلت: شفاعة محمد ﷺ، قال: حق: إي والله: والله لقد حدثني عمي محمد بن علي بن الحنفية: عن علي، أن رسول الله ﷺ قال: "أشفع لأمتي حتى يناديني ربي عز وجل فيقول: أرضيت يا محمد. فأقول: رب رضيت". ثم قال: لا نعلمه يروى هذا، إلا بهذا الإسناد.

رواية عوف بن مالك

قال ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن خداش بن خلف بن هشام، قال: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أبي المليح، عن عوف بن مالك الأشجعي أن رسول الله ﷺ قال: "أتاني الليلة آت من ربي، فخبرني بين أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة. قالوا: يا رسول الله: ننشدك الله والصحبة، لما جعلتنا من أهل شفاعتك. قال: فإني أشهد من حضر، أن شفاعتي لمن مات لا يشرك بالله شيئا من أمتي".

وقد رواه يعقوب بن سفيان: عن يحيى بن صالح الوحاظي، عن جابر بن غانم، عن سليم بن عامر، عن معدي كرب بن عبد بلال، عن عوف بن مالك، قال: "أتاني جبريل عليه السلام، من قبل ربي، فخيرني بين خصلتين، أن يدخل نصف أمتي الجنة، وبين الشفاعة، فاخترت الشفاعة".

وقد رواه البيهقي: عن الحاكم، عن الأصم بن بحر بن نصر، عن بشر بن بكر، عن أبي جابر، عن سليم بن عامر، سمعت عوف بن مالك: فذكر الحديث وفيه: ورواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، يرد الحديث إلى عوف بن مالك.

رواية كعب بن عجرة

قال البيهقي: أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، أخبرنا محمد بن عبد الله الصفار، حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، حدثنا محمد بن بكار، حدثنا عنبسة بن عبد الواحد، عن واصل مولى أبي عيينة، عن أبي عبد الرحمن، عن الشعبي، عن كعب بن عجرة، قال: قلت: يا رسول الله: الشفاعة الشفاعة، فقال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".

رواية أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه

قال الإمام أحمد: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني، حدثني النضر بن شميل المازني، حدثنا أبو نعامة، حدثنا أبو هنيدة البراء بن نوفل، عن وألان العدوي عن حذيفة، عن أبي بكر الصديق قال: أصبح رسول الله ﷺ ذات يوم، فصلى الغداة، ثم جلس، حتى إذا كان من الضحاة ضحك، ثم جلس مكانه، حتى صلى الأولى، والعصر، والمغرب، كل ذلك لا يتكلم، حتى صلى العشاء الآخرة، ثم قام إلى أهله، فقال الناس لأبي بكر الصديق: ألا تسأل رسول الله ﷺ ما شأنه. صنع اليوم شيئا لم يصنعه قط، فسأله، فقال: "نعم: عرض علي ما هو كائن من أمر الدنيا، وأمر الآخرة، يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد، فقطع الناس كذلك، حتى انطلقوا إلى آدم، والعرق يلجمهم، فقالوا: يا آدم: أنت أبو البشر، أنت اصطفاك الله، اشفع لنا إلى ربك، فقال: قد لقيت مثل الذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم، إلى نوح عليه السلام: "إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين". قال: فينطلقون إلى نوح عليه السلام، فيقولون: اشفع لنا إلى ربك، فأنت الذي اصطفاك الله، واستجاب لك في دعائك، ولم يدع أحد من الأنبياء بمثل دعوتك. فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى إبراهيم، فإن الله اتخذه خليلا، فينطلقون إلى إبراهيم، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى موسى، فإن الله كلمه تكليما، فيقول موسى: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى سيد ولد آدم، فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمد، فيشفع لكم إلى ربكم، قال: فينطلقون، فيأتون إلي، فأستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيته وقعت ساجدا، فيدعني ما شاء الله أن يدعني، ثم يقول الله. ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفع: قال: فأرفع رأسي، فإذا نظر إلي ربي عز وجل، خررت ساجدا قدر جمعة أخرى، فيقول الله: ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفع. قال: فأرفع رأسي، فإذا نظر إلي ربي عز وجل، خررت ساجدا قدر جمعة أخرى، فيقول الله: ارفع رأسك، وقل تسمع، واشفع تشفع. قال: فأذهب لأقع ساجدا، فيأخذ جبريل بضبعي ويفتح علي من الدعاء شيء لم يفتحه على بشر قط، فأقول: أي رب: خلقتني سيد ولد آدم ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، ولا فخر، حتى إنه ليرد علي الحوض من أمتي أكثر مما بين صنعاء وأيلة، ثم يقال: ادعوا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنبي ومعه الخمسة، والستة، والنبي ليس معه أحد ثم يقال: ادعوا الشهداء، فيشفعون فيمن أرادوا، قال: فإذا فعلت الشهداء ذلك، يقول الله: أنا أرحم الراحمين، أدخلوا جنتي من كان لا يشرك بالله شيئا، قال: فيدخلون الجنة، ثم يقول الله: انظروا إلى النار، هل تلقون من أحد عمل خيرا قط؟ قال: فيجدون في النار رجلا، فيقال له: هل عملت خيرا قط. فيقول: لا، غير أني كنت أسامح الناس في البيع، فيقول الله: أسمحوا إلى لعبدي، كإسماحه إلى عبادي، ثم يخرجون من النار رجلا، فيقال له: هل عملت خيرا قط؟ فيقول: لا غير أني قد أمرت ولدي فقلت لهم: إذا مت فأحرقوني في النار، ثم اطحنوني، حتى إذا صرت مثل الكحل، فأذهبوا بي إلى البحر، فذروني في الريح، فوالله لا يقدر علي رب العالمين أبدا، فيقول الله له: لم فعلت ذلك. فيقول: من مخافتك، قال: فيقول الله: انظر إلى ملك أعظم ملك، فإن لك مثله وعشرة أمثاله. قال: فيقول: لم تسخر مني وأنت الملك؟ قال رسول الله ﷺ: "فذاك الذي ضحكت منه من الضحى" .

وقد تكلمنا على هذا الحديث في آخر مسند الصديق بكلام طويل.

رواية أبي سعيد الخدري

قال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا محمد بن إسحاق، حدثنا عبد الله بن المغيرة، عن معيقب، عن سليمان بن عمرو بن عبد العتواري قال أحمد: -وهو أبو الهيثم- قال. حدثني ليث- وكان في حجر أبي سعيد الخدري قال: سمعت أبا سعيد يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يوضع الصراط بين ظهري جهنم، عليه حسك كحسك السعدان، ثم يستجيز الناس، فناج مسلم، ومجروح به ناج، ومحتبس فمكدوس فيها، فإذا فرغ الله من القضاء بين العباد، تفقد المؤمنون رجالا، كانوا معهم في الدنيا، يصلون كصلاتهم، ويزكون كزكاتهم، ويصومون كصيامهم، ويحجون كحجهم، ويغزون كغزوهم، فيقولون: أي ربنا، عباد من عبادك، كانوا معنا، يصلون في الدنيا صلاتنا، ويزكون زكاتنا ويصومون صيامنا، و يحجون حجنا، و يغزون غزونا، لا نراهم؟ فيقول: اذهبوا إلى النار، فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوهم. قال: فيجدونهم، وقد أخذتهم النار على قدر أعمالهم، فمنهم من أخذته قدميه ومنهم من أخذته الى نصف ساقيه، ومنهم من أخذته إلى ركبتيه، ومنهم من أخذته إلى أزرته، ومنهم من أخذته إلى ثدييه، ومنهم من أخذته إلى عنقه، ولم تغش الوجوه، فيستخرجونهم منها، فيطرحونهم في ماء الحياة، قيل: يا رسول الله: وما ماء الحياة. قال: غسل أهل الجنة، فينبتون نبات المزرعة، وقال: مرة تنبت المرزعة في غثاء السيل، ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أن لا إله إلا الله، مخلصا، فيخرجونهم منها، قال: ثم يتجلى الله برحمته على من فيها، فلا يترك فيها عبدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان، إلا أخرجه الله منها" . تفرد به أحمد.

ورواه ابن أبي الدنيا: من حديث إسحاق به، قال: موضع الصراط جهنم، قال محمد: لا أعلمه إلا كحد السيف، وذكر تمام الحديث.

قال أحمد: حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان،- يعني التيمي-، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله ﷺ: "أهل النار الذي هم أهلها، لا يموتون، ولا يحيون، وأما من يريد الله بهم الرحمة فإنه يميتهم في النار، ثم يدخل ضبارة فيهم، فيبثهم أو قال: فيبثون على نهر الحياة، أو قال: نهر الجنة، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل، قال: فقال النبي ﷺ: أما ترون الشجرة تكون خضراء، ثم تكون صفراء، ثم تكون خضراء. قال فقال بعضهم: كأن النبي ﷺ كان بالبادية".

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا إسماعيل بن سعيد بن زيد، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: "أما أهل النار الذين هم أهلها، فإنهم لا يموتون فيها، ولا يحيون، ولكن هم أناس أو كما قال: يصلون النار بذنوبهم -أو قال: بخطيئاتهم- فتميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحما أذن الله في الشفاعة، فجيء بهم ضبائر فبثوا على أنهار الجنة، فيقول: يا أهل الجنة أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل. فقال رجل من القوم: كأن رسول الله ﷺ كان بالبادية". وهذا إسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وهو صحيح من هذا الوجه.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عثمان بن عاد، حدثني أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري، قال: لايعرض الناس على جسر جهنم، عليه كلاليب، وحسك، وخطاطيف تخطف الناس، قال: فيمر ناس مثل البرق، وآخرون مثل الريح، وآخرون مثل الفرس المجري، وآخرون يزحفون زحفا، فأما أهل النار، فلا يموتون ولا يحيون، وأما أهل الذنوب فيؤخذون بذنوبهم، فيحرقون، فيكونون فحما، ثم يأذن الله في الشفاعة، فيؤخذون ضبارات ضبارات، فيقذفون على نهر، فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل. قال: قال رسول الله ﷺ: "فيخرج أدنى رجل من النار، فيكوق على شفتها، فيقول: يا رب اصرف وجهي عنها، قال: فيقول: وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها. فيقول: وعهدي وذمتي لا أسلك غيرها، فيصرف وجهه عنها، قال: فيرى شجرة فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها، وآكل من ثمرها. قال، فيقول: وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها؟ فيقول: وعهدي وذمتي لا أسألك غيرها، فيدنيه منها، قال: فيرى شجرة أخرى أحسن منها، قال: فيقول: يا رب حولني إلى هذه الشجرة، أستظل بظلها، وآكل من ثمرها. قال: فيقول: وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها. فيقول: وعهدي وذمتي لا أسألك غيرها، فيحوله إليها، قال: فيرى الثالثة، فيقول: رب حولني إلى هذه الشجرة، أستظل بظلها وآكل من ثمرها قال: فيقو ل: وعهدك وذمتك لا تسألني غيرها. فيقول: وعهدي وذمتي لا أسلك غيرها، فيحوله، قال: فيرى سواد الناس، ويسمع أصواتهم، فيقول: يا رب أدخلني الجنة".

قال أبو سعيد: ورجل آخر من أصحاب النبي ﷺ اختلفا، فقال أحدهما: "فيدخل الجنة ويعطى الدنيا ومثلها".

وقال الآخر: "فيدخل الجنة ويعطى الدنيا وعشرة أمثالها".

وقد رواه النسائي، من حديث عثمان بن غياث، به نحوه.

رواية أبي هريرة

قال الإمام أحمد: حدثنا سليمان- يعني ابن داود- حدثنا إسماعيل، حدثنا عمرو بن سعيد، عن أبي هريرة، قال: قلت للنبي ﷺ: "من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة. فقال النبي : "لقد ظننت يا أبا هريرة، أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أولى منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة، من قال لا إله إلا الله خالصة من نفسه" . هذا إسناد صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه من هذا الوجه.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا أبو معاوية، ويعلى بن عبيد، قالا: حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي، شفاعة لأمتي، نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئا".

قال- يعني شفاعته- ورواه مسلم: من حديث أبي معاوية محمد بن حازم الضرير، عن الأعمش به.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا هاشم، والخزاعي- يعني أبا سلمة- قالا: حدثنا ليث، حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن سالم بن أبي سالم، عن معاوية بن معتب الهذلي، عن أبي هريرة، أنه سمعه يقول: سألت رسول الله ﷺ: ماذا أراد إليك ربك في الشفاعة؟ فقال: والذي نفس محمد بيده، لقد ظنت أنك أول من يسألني عن ذلك من أمتي، لما رأيت من حرصك على العلم، والذي نفس محمد بيده، لما يهمني من وقوفهم على أبواب الجنة، أهم عندي من تمام شفاعتي، وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله، مخلصا، فصدق قلبه لسانه، ولسانه قلبه.

تفرد به أحمد من هذا الوجه.

طريق أخرى

قال أحمد: قرأت على عبد الرحمن بن مالك، حدثنا إسحاق، حدثنا مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "لكل نبي دعوة يدعو بها، وأريد أن أختبىء دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة".

قال إسحاق: فأردت أن أختبىء". وقد رواه البخاري: من حديث مالك به.

طريق أخرى

قال مسلم: حدثني حرملة بن يحيى حدثنا ابن وهب، حدثني يونس، عن ابن شهاب، أن عمرو بن أبي سفيان بن أبي أسيد بن حارثة الثقفي أخبره: أن أبا هريرة قال لكعب الأحبار: إن رسول الله ﷺ قال: "لكل نبي دعوة يدعو بها، فأنا أريد- إن شاء الله- أن أختبىء دعوتي، شفاعة لأمتي يوم القيامة". قال كعب لأبي هريرة: أنت سمعت هذا من رسول الله ﷺ قال: "نعم". تفرد به مسلم.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، أخبرني القاسم بن محمد، قال: اجتمع أبو هريرة، وكعب، فجعل أبو هريرة يحدث كعبا عن النبي ﷺ، وكعب يحدث أبا هريرة عن الكتب، قال أبو هريرة: قال النبي ﷺ: "لكل نبي دعوة مستجابة، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".

انفرد به أحمد وإسناده صحيح على شرطهما، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة من هذا الوجه.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا يحيى عن شعبة ومحمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال غندر في حديثه. قال: سمعت أبا هريرة عن النبي ﷺ قال: "إن لكل نبي دعوة دعا بها، وإني أريد أن أدخر دعوتي إن شاء الله شفاعة لأمتي يوم القيامة، قال ابن جعفر: في أمتي". وقد رواه مسلم من حديث شعبة به.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه، حدثنا أبو هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: "لكل نبي دعوة تستجاب له، فأريد إن شاء الله أن أدخردعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". وهذا إسناد صحيح على شرطهما، ولم يخرجوه.

طريق أخرى

قال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جرير عن عمارة، وهو ابن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها، فيستجاب له، فيؤتاها، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة". انفرد به مسلم.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا أبو أويس قال: قال الزهري: أخبرني أبو سلمة ابن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "لكل نبي دعوة، وأريد إن شاء الله أن أختبىء دعوتي ليوم القيامة شفاعة لأمتي".

تفرد به أيضا من هذا الوجه، ورواه عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري وقد رواه البخاري من حديث شعيب بن أبي حمزة، ومسلم من طريق مالك، كلاهما عن الزهري به.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا داود الأودي، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله ﷺ في قوله: "عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا".

قال: هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه.

ورواه الترمذي عن أبي كريب، عن وكيع، عن داود، وقال: حسن.

طريق أخرى

قال أحمد: حدثنا حجاج، حدثنا ابن جريج، حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيدارة مولى عثمان، قال: "إنا بالبقيع مع أبي هريرة إذ سمعناه يقول: أنا أعلم الناس بشفاعة محمد ﷺ يوم القيامة، قال: فتدارك الناس عليه، فقالوا: إيه يرحمك الله. قال: يقول رسول الله ﷺ: "اللهم اغفر لكل عبد لقيك، يؤمن بك، لا يشرك بك". تفرد به أحمد من هذا الوجه.

رواية أم حبيبة

قال البيهقي: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، أخبرنا أبو داود الحسين أحمد بن عثمان بن يحيى الأدمي، حدثنا عبد الكريم بن الهيثم، حدثنا شعيب، عن الزهري، عن أنس، عن أم حبيبة، عن رسول الله ﷺ أنه قال: "أرأيت ما تلقى أمتي من بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، سبق ذلك من الله، كما سبق في الأمم قبلهم، فسألت الله أن يوليني منهم شفاعة، ففعل". قال البيهقي: هذا إسناد صحيح.
ذكر شفاعة المؤمنين لأهاليهم

تقدم حديث أبي هريرة، عن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: "أول من يشفع يوم القيامة الأنبياء، ثم الشهداء، ثم المؤمنون".

رواه البزار، وابن ماجة، ولفظه: "يشفع يوم القيامة ثلاثة: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء".

فأما ما أورده القرطبي في التذكرة من طريق أبي عمرو السماك، حدثنا يحيى بن جعفر بن الزبرقان، أخبرنا على عاصم، حدثنا خالد الخزاعي، عن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء، قال: قال ابن مسعود: "يشفع نبيكم ﷺ رابع أربعة: جبريل، ثم إبراهيم، ثم موسى، أو عيسى ثم نبيكم، ثم الملائكة، ثم الصديقون، ثم الشهداء". وقد رواه أبوداود الطيالسي، عن أبي سلمة بن كهيل، عن أبيه به، وزاد أبو داود في روايته: "لا يشفع بعده أكبر منه" وهو المقام المحمود الذي قال الله تعالى فيه: "عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا". فإنه حديث غريب جدا، ويحيى بن سلمة بن كهيل ضعيف، وفي الصحيح: من طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، مرفوعا: "إذا أخلص المؤمنون من الصراط، وراوا أنهم قد نجوا، فما أنتم بأشد منهم شدة في الحق، بعدما تبين منهم لربهم في إخوانهم الذين في النار، يقولون: يا ربنا: إخواننا، كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويحجون معنا، ويقرأون معنا، فيقول الله: اذهبوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه من النار". قال أبو سعيد: اقرأوا إن شئتم. "إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما". قال: فيقول الله تعالى: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار، فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط، قد عادوا حمما، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة، يقال له: نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل، فيخرجون كاللؤلؤ، في رقابهم الخواتيم، يعرفهم أهل الجنة، فيقولون: هؤلاء عتقاء الله، أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، ثم يقول: ادخلوا الجنة، فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ر بنا، أي شيء أفضل من هذا؟ أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين، فيقال لهم: عندي أفضل من هذا، فيقولون: ربنا: أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضائي، فلا أسخط عليكم أبدا.
يشفع المؤمنون يوم القيامة إلا اللعانين فلا شفاعة لهم

وفي حديث إسماعيل بن رافع، عن محمد بن كعب، عن رجل، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ بعد ذكر دخول الجنة: "ثم أقول: يا رب شفعني فيمن وقع في النار من أمتي، فيقول: نعم. أخرجوا من النار من كان في قلبه ثلثي دينار، نصف دينار، ثلث دينار، ربع دينار حتى بلغ قيراطين. أخرجوا من لم يعمل خيرا قط. قال: ثم يؤذن في الشفاعة، فلا يبقى أحد إلا شفع، إلا اللعان، فإنه لا يشفع، حتى إن إبليس ليتطاول يومئذ في النار، رجاء أن يشفع له، مما يرى من رحمة الله، حتى إذا لم يبق أحد إلا شفع، قال: بقيت أنا أرحم الراحمين، فيخرج منها ما لا يحصى عدتهم غيره، كأنهم الخشب المحترقة، فيطرحون على شط نهر على باب الجنة، يقال له نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل" رواه ابن أبي الدنيا... وقد قال الحافظ أبو يعلى: حدثنا العباس بن الوليد النرسي، حدثنا يوسف بن خالد، هو السمني، عن الأعمش، عن أنس، أن رسول الله ﷺ قال: "يعرض أهل النار صفوفا، فيمر بهم المؤمنون، فيرى الرجل من أهل النار الرجل من المؤمنين قد عرفه في الدنيا فيقول: يا فلان: أما تذكر يوم استعنتني على حاجة كذا؟ ويقول: أما تذكر يوم أعطيتك قال، أراه قال: كذا وكذا-؟ فيذكر ذلك المؤمن، فيعرفه، فيشفع له إلى ربه، فيشفعه فيه" في إسناده ضعف.

طريق أخرى عن أنس

قال ابن ماجه: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمر، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا لأعمش، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "يصف الناس يوم القيامة صفوفا، وقال ابن نمير: أهل الجنة فيمر الرجل من أهل النار على الرجل، فيقول: يا فلان: أما تذكر يوم استسقيتني فسقيتك شربة؟ قال: فيشفع له، ويمر الرجل على الرجل، فيقول: أما تذكر يوم ناولتك طهورا؟ فيشفع له ويمر الرجل على الرجل فيقول: أما تذكر يوم بعثتني لحاجة كذا وكذا فذهبت لك؟ فيشفع له". ورواه الطحاوي بلفظ آخر قريب من هذا المعنى.

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثني علي بن عبد الله بن موسى، حدثنا حفص بن عمر، حدثنا حماد ابن سلمة، عن ثابت، عن الحسن، قال: قال رسول الله ﷺ: "يقول الرجل من أهل الجنة يوم القيامة: يا رب: إن فلانا سقاني شربة من ماء في الدنيا، فشفعني فيه، فيقول الله. اذهب فأخرجه من النار، فيتحسس، يخرجه منها". وهذا مرسل من مرسلات الحسن الحسان.
ومن الأحاديث الواردة في شفاعة المؤمنين لأهاليهم

حكى بعضهم عن زبور داود عليه السلام: أنه مكتوب فيه: يقول الله: "إن عبادي الزاهدين، أقول لهم يوم القيامة: عبادي: إني لم أزو عنكم الدنيا لهوانكم علي، ولكن أردت أن تستوفوا نصيبكم موفورا اليوم، فتخللوا الصفوف، فمن أحببتموه في الدنيا، أو قضى لكم حاجه، أو رد عنكم غيبة، أو أطعمكم لقمة ابتغاء وجهي، وطلب مرضاتي، فخذوا بيده، وأدخلوه الجنة".

وروى الترمذي، والبيهقي: من طريق مالك بن مغول، عن عطية، عن أبي سعيد، قال. قال رسول الله ﷺ: "إن من أمتي لرجالا يشفع الرجل منهم في الفئام من الناس، فيدخلون الجنة بشفاعته، ويشفع الرجل للقبيلة، فيدخلون الجنة بشفاعته، ويشفع الرجل منهم للرجل وأهله، فيدخلون الجنة بشفاعته". وروى البزار: بسنده، مرفوعا. "إن الرجل ليشفع للاثنين والثلاثة".

وله من حديث سفيان الثوري، عن آدم بن علي، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: "يقال للرجل: قم يا فلان: واشفع، فيقول الرجل، فيشفع للقبيلة، ولأهل البيت، وللرجل، والرجلين، على قدرعمله".

ومن حديث الحسين بن واقد: عن أبي غالب، أن أبا ثمامة حدثه، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من عدد مضر، ويشفع الرجل في أهل بيته، ويشفع على قدرعمله".

وروي عن الحاكم، عن الأصم، عن الحسن بن مكرم، عن يزيد بن هارون، أخبرنا جرير بن عبد الرحمن أو عبد الله بن أبي ميسرة، عن أبي أمامة، قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس مثل الحسين أو مثل الحسن، مثل ربيعة ومضر، فقال رجل: يا رسول الله، وما ربيعة من مضر؟ قال: إنما أقول ما أقول".

وقال الإمام أحمد: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، قال: جلست إلى رهط أنا رابعهم بإيلياء، فقال أحدهم: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم، قلنا: سواك يا رسول الله؟: قال: سواي". قلت: أنت سمعته؟ قال: نعم، فلما قام، قلت: من هذا؟: قالوا ابن أبي الجدعاء.

ثم رواه أحمد: عن غندر عن شعبة، وعن عفان، عن وهب، كلاهما عن خالد الحذاء، به ونحوه. ورواه أبو عمر بن السماك، عن يحيى بن جعفر، عن سنان، عن جرير بن عثمان، عن عبد الله بن ميسرة، وحبيب بن عدي الرحبي، عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل بشفاعة رجل من أمتي الجنة مثل أحد الحيين، ربيعة ومضر". قيل يا رسول الله: وما ربيعة ومضر؟ قال: "إنما أقول ما أقول". قال: فكان الصحابة يرون أنذلك الرجل هو عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وقال محمد بن يوسف الفريابي: حدثنا سفيان الثوري، عن خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق العقيلي، فقال: جلست إلى نفر من أصحاب النبي ﷺ فيهم عبد الله بن أبي الجدعاء، فقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم". قالوا: سواك يا رسول الله؟ قال: سواي، قال الفريابي: يقال إنه عثمان بن عفان رضي الله عنه...

رواه الترمذي، والبيهقي، وابن ماجه، وغيرهم: من طرق متعددة، عن خالد الحذاء، به. وقال الترمذي: حسن صحيح، وليس لابن أبي الجدعاء حديث سواه.

وله من حديث أبي معاوية، عن داود بن أبي هند، عن عبد الله بن قيس الأسدي، عن الحارث بن قيس، قال: قال رسول الله ﷺ: "إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من ربيعة ومضر، وإن من أمتي من سيعظم للنار حتى يكون أحد زواياها" وكذا رواه أحمد وابن ماجة، من غير وجه عن داود بن أبي هند، وفي لفظ لأحمد: "إن من أمتي لمن يشفع لأكثر من ربيعة ومضر، وإن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون ركنا من أركانها".

وروى البيهقي من حديث أبي بكر بن عياش، عن الحسن، قال: قال رسول الله ﷺ: "يدخل بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر، قال هشام: أخبرني حوشب، عن الحسن: أنه أويس القرني، قال أبو بكر بن عياش: قلت لرجل من قومه: أويس بأي شيء يبلغ هذا؟ قال: فضل الله يؤتيه من يشاء".

وقال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا سعيد بن زيد، حدثنا سليمان العصري، حدثني عقبة بن صهبان، سمعت أبا بكرة، عن النبي ﷺ قال: "يحصل الناس على الصراط يوم القيامة فتتقادع الناس بهم جنبتا الصراط، تقادع الفراش في النار، قال فينجي الله تبارك وتعالى برحمته من يشاء قال: ثم يؤذن للملائكة، والنبيين، والشهداء أن يشفعوا، فيشفعون ويخرجون ويشفعون، ويخرجون وزاد عفان مرة أخرى فقال: ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان".

وقال البيهقي: حدثنا أبو عبد الله الحافظ أبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، حدثنا الخضر بن أبان، حدثنا سيار، حدثنا جعفر، يعني ابن سليمان، حدثنا أبو طلال، حدثنا أنس بن مالك، حدثنا، رسول الله ﷺ قال: "سلك رجلان مفازة، أحدهما عابد، والآخر به رهق، رفع الذي به رهق إداوة فيها ماء، وليس مع العابد ماء، فعطش العابد، فقال: أي فلان، اسقني فهو ذا أموت، فقال: إنما معي إداوة، ونحن في مفازة، فإن سقيتك هلكت، فسلكا، ثم إن العابد اشتد به العطش فقال: أي فلان، اسقني فهو ذا أموت فقال: إنما معي إداوة ونحن في مفازة، فإن سقيتك هلكت، فسلكا، ثم إن العابد سقط، فقال: أي فلان اسقني فهو ذا أموت، قال الذي به رهق، والله إن هذا العبد الصالح يموت ضياعا، لا يبلني عند الله أبدا، فرش عليه من الماء وسقاه، ثم سلكا إلى المفازة، فقطعاها، قال: فيوقفان للحساب يوم القيامة، فيؤمر بالعابد إلى الجنة، ويؤمر بالذي به رهق إلى النار، قال فيعرف الذي به رهق العابد، ولا يعرف العابد الذي به رهق، فيناديه: أي فلان، أنا الذي آثرتك على نفسي يوم المفازة، وقد أمر بي الى النار، فاشفع إلى ربك، فيقول: أي رب، إنه قد آثرني على نفسه، أي رب هبه لي اليوم، فيوهب له، فيأخذه بيده فينطلق به إلى الجنة، زاد فيه: فيقول: يا فلان، لشد ما غرتك نعمة ربي عز وجل. ثم قال البيهقي: هذا الإسناد وإن كان غير قوي فله شاهد من حديث أنس بن مالك، حدثنا أبو سعيد الزاهد، إملاء، حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسن بن الحسين بن منصور، حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سعيد البوشنجي، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا علي بن أبي سارة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، عن رسول الله ﷺ: "أن رجلا من أهل الجنة يشرف يوم القيامة على النار، فيناديه رجل من أهل النار، فيقول: يا فلان، هل تعرفني، فيقول: لا، والله ما أعرفك، من أنت؟ فيقول: أنا الذي مررت بي في الدنيا فاستسقيتني شربة من ماء فسقيتك، قال: قد عرفت، قال: فاشفع بها عند ربك، قال: فيسأل الله عز وجل فيقول إني أشرفت على النار فناداني رجل من أهلها، فقال: هل تعرفني؟ قلت: لا والله، ما أعرفك، من أنت؟ قال: أنا الذي مررت بي في الدنيا فاستسقيتني شربة من ماء. فسقيتك فاشفع لي عند ربك، فشفعني، فيشفعه الله، فيأمر به فيخرج من النار.

أنبأنا أبو طالب طاهر الفقيه، أنبأنا أبو عبد الله الصفار، الأصبهاني، أبو قبيصة، محمد بن عبد الرحمن بن عمارة، بن القعقاع الضبي، الأصبهاني البغدادي، حدثنا أحمد بن عمران الأحبشي، سمعت أبا بكر بن عياش يحدث صالحا الخزاز، عن سليمان التيمي، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله ﷺ: "يجمع الله أهل الجنة صفوفا، وأهل النار صفوفا، فينظر الرجل من صفوف أهل النار إلى رجل من صفوف أهل الجنة، فيقول: يا فلان: أما تذكر يوم اصطنعت إليك في الدنيا معروفا؟ فيقول: يا رب إن هذا اصطنع إلي معروفا، فيقال: خذ بيده، وأدخله الجنة"، قال أنس: أشهد أني سمعت رسول الله ﷺ يقوله، قال: وكذا رواه الصنعاني، عن أحمد بن عمران، تفرد به أحمد بن عمران، والله أعلم.
حديث فيه شفاعة الأعمال لصاحبها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق